|


أحمد الحامد⁩
جلب الحبيب
2019-08-26
كانت كلمة إدمان كلمة مرعبة، بمجرد أن تسمعها تتذكر المخدرات وكوارثها، مع مرور الزمن أصبحت الكلمة شبه عادية مع تعدد أنواع الإدمان على أشياء غير ممنوعة ولا تضر كما تفعل المخدرات ـ كفانا الله شرها ـ.
أصبحنا نلتقي بالمدمنين ونصبح أحيانا نحن المدمنين ونصف أنفسنا أيضاً بالمدمنين دون قلق أو خوف، هذا من يقول لك إنه مدمن حلويات، وذاك يقول إنه مدمن مشاهدة أفلام، أنا شخصياً مدمن يوتيوب، لا أنام إلا والسماعة في أذني أستمع لحوار أو برنامج أو فيلم وثائقي، في الماضي وقبل اليوتيوب كنت مدمناً على القراءة قبل النوم، لاحظت أنني أصبحت لا أقرأ قبل النوم بعد ظهور اليوتيوب، في الفترة الأخيرة انتبهت أنني أشاهد على اليوتيوب أحد الدجالين السحرة وهو يتنبأ ويعلق على أحداث العالم، كل ما يقوله دجل وكذب مضحك وهو يعرف أن معظم المشاهدين يعرفون ذلك، في البداية شاهدته صدفة ثم... ثم ماذا ؟ أدمنت عليه!
ـ أجلس أحياناً مع بعض الزملاء.. ينتقدون بعض ما يشاهدونه من فيديوهات في السوشال ميديا من تصرفات بعض المشاهير، لكنهم يتباعونهم بشكل يومي ويعرفون التفاصيل عنهم، هم غير مقتنعين بالمحتوى لكنهم أدمنوا عليهم، الخوف من هذا الإدمان أنه يعطي للذي أدمنت عليه مساحة كبرى من وقتك، وأخشى ما أخشاه أن يتأثر العقل ويعتاد على ما نشاهده ثم نصدق بعضه أو كله دون شعور بذلك، لاحظت ذلك أنني في مشاهداتي الأخيرة للساحر الدجال لم أعد أضحك ولم أعد مستغرباً مما يقوله! انتبهت للتأثير والحمد لله أنني انتبهت وإلا فإن مقالاتي القادمة ستكون طلاسم لجلب الحبيب!
ـ استمعت لهذه الحكاية من والدي ـ رحمه الله ـ، قال إنه عندما كان شاباً، كان يقود السيارة متوجهاً إلى العمل مع ابن عمه الذي كان يصر على الغناء رغم أن صوته سيئ ومزعج جداً، حاولت أن أمنعه وأثنيه عن الغناء لكنه كان يرفض وبشدة، هكذا كنا على هذه الحال في كل رحلة يومية، هو يغني وأنا إما أضحك من نشاز صوته أو محاولاً لفت انتباهي إلى أي شيء غير صوته المزعج، بعد مدة اعتدت على غنائه، ثم أصبحت أطالبه بالاستمرار كلما توقف عن الغناء!
ـ في الماضي كانت التلفزيونات كلها حكومية، برامجها لا تظهر على الشاشة إلا بعد مراقبتها والانتباه مما قد يخدش الحياء أو يثير الفتن في المجتمعات، كنت أقول لماذا كل هذه الرقابه؟ اليوم عرفت الإجابة المناسبة لي: حتى لا يعلمك الدجالون السحر!.