|


صالح الخليف
الصحافة.. مربية فاضلة
2019-08-29
ليس عند أغلبية البرامج الرياضية بضاعة تمكنها من الوصول والتعاطي مع المشاهدين أكثر من ألسنة الصحفيين.. تعتبرهم هذه البرامج مثل البيبسي وسنكرس وقهوة ستار بوكس.. أقصد ماركات شهيرة ومعروفة وموثوقة ومنتشرة ولا تحتاج إعلانات ودعايات وحملة تسويق.. وقبل كل شيء مضمونين وهنا بيت القصيد ومربط الفرس..
هذا النوع من البرامج الحكواتية بالطبع له جمهوره العريض الذي ينشد من متابعتها المعلومة والرأي، وأيضاً الخروج عن النص حينما تتشابك خيوط الميول في فضاء الصراخ المفتوح.. الصحافة وفرت لهذه البرامج وجوهاً تمتلك الحد الأدنى من أحقية الظهور التلفزيوني، لأنها أي الصحافة ليست مجرد مهنة تدور في رحاب عمليتها الإعلامية الواسعة، وإنما حملت على عاتقها ضبط انفلات التعصب والمتعصبين بقدر ما ترك لها الزمن.. بهذا تكون الصحافة أدت دور المربية الفاضلة، فيخرج من وراء جلبابها عشرات الأسماء التي وإن كانت تخيم فوق أدمغتها أفكار ورؤى تسيطر عليها الأحادية المقيتة فإنها على أقل تقدير تتذكر كونها تمثل جانباً مضيئاً يختلف تماماً عن هوية المشجع الذي لا يهمه إلا فريقه، وكيف ينتصر، وكيف يخسر المنافس..
هناك بلا جدال صحفيون كثر لا يختلفون إن لم يكونوا أعمق تطرفاً في آرائهم الكروية عن بساطة العقلية الجماهيرية، لكن هذا ليس هو القياس، وهذا أبداً ليس ذنب الصحافة وخطيئتها.. الذي تستوعبه تلك البرامج أن الصحافة والقادمين من بوابتها يفترض أن يخرجوا للناس على الشاشات ويقولوا لهم كلمة سواء، لا أن يكونوا مثل نافخي النار من تحت الرماد.. حينما يتحدث أحد في أحد برامج الحكي ويقول كلاماً لا يتوافق مع العقل والمنطق فإن الناس ترد عليه وبسرعة وتسأله وتستجوبه: "كيف تقول هذا الكلام وأنت صحفي؟".. وهنا يظهر ما عنيته وقصدته بجلاء ووضوح.. ينظر للصحافة كمعلمة جديرة بالاحترام والتقدير ولا يصح لأبنائها الإساءة لها من خلال طرح يمكن وصفه بالأعوج الذي ضل طريقه.. طبعاً وبالتأكيد الصحافة بريئة براءة الذئب من دم يوسف في أي تجاوزات لفظية أو إيحاءات من أي نوع..
تستضيفهم البرامج وتفسح لهم الفضاء لأنهم صحفيون.. لا يمكن أن يخوضوا مع الخائضين.. حينما يسمع ويعلو صوت نشاز من بينهم فالصحافة لا علاقة لها بالموضوع.. أيضاً البرنامج ليس هو المسؤول.. المشكلة فقط أن هوى النفس تحرك وتمدد.. والنفس أمارة بالسوء..!!