|


فهد عافت
قارئ كُتب يحب فيدرر!
2019-09-02
ـ مَن يكتب بشكل سيّئ يهزمني كقارئ!. ولكنه لا ينتصر!. ولأنّه لا ينتصر، فإنّ ذلك يشعرني بعدم جدوى هزيمتي حتى بالنسبة إليه، وفي هذا ما يثير غيظي وكرهي!. لقد أدخلني في نزول لا في نزال!.
ـ أكتب هذا وأنا أتابع مباراة في كرة المضرب للمايسترو "فيدرر". أتخيّل سائلًا: كيف يمكن هزيمة السويسري؟! فأجيب أنْ تلعب معه بطريقة سيّئة وبمستوى أقل من عادي!.
ـ أتابع "فيدرر"، وأتذكّر عددًا لا يُحصى من مبارياته، وتتأكّد ملاحظتي إلى الحد الذي يسمح لي بالتجاسر في كتابتها: غالبًا ما يكسب التبادلات المثيرة!. وكأنّ الجمال يستفزّه ويعيده إلى ذاته، إلى أعمق أسرار موهبته فيه!. بينما يخسر كثيرًا من الكُرات الساذجة التي يلعبها خصمه بأقل قدر من المهارة!.
ـ نعم، يمكن للعباقرة في اللعبة، وأصحاب الموهبة والطموح، كسب الأسطورة، لكنني على ثقة أنه في مثل هذه الحالات سيكون مستمتعًا حتى بحزنه من الخسارة!. وأنّ شيئًا ما في داخله يشعر بانتصار ما: على الأقل، الانتصار في لعب مباراة كبيرة مع منافس حقيقي يليق به، منافس يستحق فرحة الفوز على رجل يُسمّى "فيدرر"، ويقدّرها!.
ـ تتشابه حالتي كقارئ مع حالة "فيدرر". وأعتذر عمّا قد يبدو غرورًا في هذا!. لكني قضيتُ عمري والكتاب ضمن أهم يوميّاتي، رفيق حل وترحال، رفيق غربة ووطن، رفيق الحال في العسر والضيق وفي اليُسر والسّعة!. مَرّ عليّ من الناس مَن يهزأ ويتهكّم ويشمت وينتقد هذه الصحبة أكثر ممّا مرّ عليّ ممّن يُثنون!. بقينا أنا والكتُب كما تغني فايزة أحمد: "أعزّ اصحاب"!.
ـ أظنني قارئًا حقيقيًّا. ولأنني كذلك لا أستاء أبدًا من كتاب يهزم قناعاتي لصالح قناعاته!. ولا من كتاب يُغيّر ذائقتي!. على العكس من ذلك تمامًا: أشعر دائمًا بمحبّة خالصة وبامتنان صادق لمثل هذه الكُتب وأصحابها!. مثل هذه الهزائم تقوّيني. هي في حقيقتها انتصارات عظيمة، تُشبه مطر وصحو أبو تمّام في تبادل أوصافهما وطبائعهما!.
ـ الكتابة الرّديئة هي وحدها التي يمكن لها هزيمة القارئ الجيّد!. صفات هذه الكتابة كثيرة، واحدة من صفاتها: قدرتها على زرع اليقين بداخلي أنّ صاحبها كتبها إرضاءً لي أو خوفًا منّي أو بانعدام ثقته بي كقارئ!.