|


تركي السهلي
الحساب العسير
2019-09-03
التوجيه الملكي الكريم بتشكيل لجنة إشرافية لمكافحة الفساد تتولّى اتخاذ جميع الوسائل والآليات اللازمة لتحقيق النزاهة، والقضاء على الفساد المالي والإداري، والرفع للمقام الكريم عما يتم بهذا الشأن أولاً بأول، خطوة هائلة نحو تعزيز الشفافية وحماية المال العام، وتعزيز للعدل وتساوي الفرص بين المواطنين كافة.
ويتضح من تحركات الحكومة الأخيرة توجهها نحو ملاحقة الموظفين الحكوميين من الدرجات الصغيرة بعد نجاحها في القضاء على الرؤوس الكبيرة. ـ بحسب ما صرح به مازن الكهموس، رئيس هيئة مكافحة الفساد الجديد.
وستتولى اللجنة المشكلة من قبل الملك الرفع لمقامه الكريم على نحو سريع، كما سيجتمع رئيس هيئة الفساد بولي العهد شهريًّا، لمتابعة سير أعمال الهيئة. إذًا الحكومة جادة جدًّا في طرد الفاسدين من الجسد الإداري وتنظيف كامل الأجهزة، لتوفير مناخ صحي للعمل والإنتاج. ماذا علينا أن نفعل في القطاع الرياضي إزاء التحركات الحكومية الرامية إلى محاربة الفساد؟، وكيف لنا أن نقدم للجميع قطاعًا سليمًا من الشبهات والزلل؟، في رأيي الخاص أن المسؤولية الكُبرى تقع على اللجنة الأولمبية السعودية وما ينضوي تحتها من اتحادات رياضية في أن تسارع إلى التماهي مع المشروع الحكومي، والضغط على الاتحادات باتباع إجراءات صارمة تؤدي إلى تحقيق كامل السلامة المالية في كل أعمالها، وألا تتوانى في الرفع بكل مخالف ومحاسبته وتوقيع العقوبات القاسية عليه. إن الملفات الغامضة في دهاليز الأندية السعودية كثيرة، ولعل أبرز الملفات غموضًا هو ملف تمرير الأموال بين الأندية في الداخل والخارج، وحركة الحسابات المصرفية بين العاملين في الأندية ووسطاء اللاعبين المحليين ووكالات أولئك المستقطبين من الخارج. إن ترك حسابات رؤساء الأندية السعودية والعاملين الفعليين فيها واللاعبين والوسطاء دونما كشف شهري من البنوك، لرصد الأموال الداخلة والخارجة إليها، خطأ كبير سهّل من وجود دوران للمال دونما رقابة، ودفع إلى سهولة الحديث في النتائج الخاصة بالمسابقات، وكذا تنقّلات اللاعبين وإبرام العقود غير الواضحة معهم. إن خلو مسابقة الدوري من لجنة لمتابعة المباريات يضع الاتحاد السعودي لكرة القدم في خانة المساءلة، ولا مبرر حقيقي من غياب ذلك ولا تشكيك أيضًا في أن وجودها يعني شبهات، لكن الإجراء السليم هو الذي يستوجب التطبيق. لقد حان الوقت لأن يقف الجميع في صف الحكومة في حربها على الفساد، وأن نضع أيدينا في أيديها، للوصول لتنمية ثقافة تنبذ الانتفاع المالي غير المشروع، وتُخرج كل فاسد من معادلة التقدير الاجتماعي، وأن نتوعّد كل متجاوز بالحساب العسير.