|


صالح الخليف
وانكشف المستور يا صحافة
2019-09-06
للصحافة أفضال كثيرة على أناس كثيرين.. الذين وجدوا فيها مهنة تشبع شغفهم واندفاعهم وتطلعاتهم وأحلامهم في حربهم الضروس مع هذه الحياة.. الذين أدمنوا قراءة المقالات والتقارير وأحوال المشاهير ومطالعة أجمل المشاهد التي التقطتها عدسات المصورين.. الذين جعلوا منها محطة موثوقة للأخبار والأنباء والحقائق..
الذين وجدوا فيها ساحة مترامية الأطراف للاستمتاع بقصيدة أو قصة أو كلمات ليست كالكلمات.. الذين شرعت لهم أبواب الشهرة فباتت وجوههم مألوفة وانتقلوا من الهامش إلى الضوء بواسطة أوراق الصحافة وانتشارها.. أما أكثر المدينين للفضل والمنة أمام صاحبة الجلالة كما يحلو للغرب وصفها وتسميتها فإنهم أولئك الذين لا يملكون الحد الأدنى من اللباقة والقدرة على تناول الأحداث بطريقة متوازنة والتعبير عن مشاعرهم بصورة لائقة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.. ثم تأتي الصحافة وتحول أجوبتهم المعوجة إلى كلام واضح يمكن استيعابه والتواؤم معه.. حينما يظهرون على شاشات التلفزيون تنجلي الغمامة وتنقشع الأغبرة التي كانت تغطي الحقيقة الجارحة.. لا يعرفون يتكلمون وهذا طبعًا ليس عيبًا ولا عارًا ثم تحول الصحافة كل ذاك المشهد المسود إلى حديقة ناظرة وزهور متفتحة وأشعة شمس مشرقة.. إنهم أكثر الناس مدينًا للصحافة.. الأوراق التي جعلتهم يلبسون رداءً ليس على مقاسهم ويجلسون على مقاعد لم تكن لتتسع لهم.. ليست الصحافة مخادعة أو محتالة لكنها على الطرف الآخر والأهم لا يمكنها أن تقدم لقرائها وأصدقائها وعشيرتها الأقربين سوى كلام يستوعبه من ألقى السمع وهو شهيد..
شكرًا لك أيتها المهنة الغنية بالعقل والفكر والوعي والثقافة والحياة لأنك حينما بدأت تتراجعين بحكم عوامل الزمن تركت تلك الجوقة تتكشف وقائعها فتظهر دون مساحيق تجميلية أو مواد تحفظ لها بياض الوجه..
شكرًا لك يا صحافة فكم مرة سترت سوءات ألسنة يختلط تحت ردائها ما يقال وما لا يقال.. كم كنت لا ترتضين لهم إلا أن يظهروا ويخرجوا بكامل زينتهم.. كانت أيام يا صحافة.. ورحم الله أيامك..!!