|


بدر السعيد
جلباب «الوطنية»
2019-09-07
لا يختلف اثنان حول ما يحيط برياضتنا المحلية من صراع إعلامي واسع ومتشعب ومتعدد الأطراف والوسائل والأشكال، وتلك حقيقة لا يمكن إغفالها أو تجاوزها إلا إذا كنّا سنفكر على طريقة “النعامة”.. وقد تعمدت استخدام مفردة “صراع” لاكتمال الصورة النمطية للصراع في مشهدنا الإعلامي، الذي باتت ألوان الأندية ومكتسباتها تمثل الجزء الأكبر منه للأسف..!
مقدمة حديثي لا تلغي أحقية أنصار الفرق من الدفاع عن أنديتهم أو التباهي بمنجزاتها، فذلك حق مشروع تكفله لهم كل الأنظمة والأعراف، بل أجده ظاهرة صحية ومحصلة منطقية لشدة المنافسة الميدانية واهتمام المجتمع بالرياضة وكرة القدم تحديدًا.. لكن ذلك كله لا يبرر لكائن ما أن يتجاوز حدود المنطق والمهنية.
لن أتطرق اليوم لبحث المسببات أو مناقشة الحلول فيما يتعلق بالتجاوزات الإعلامية الرياضية.. لكنني سأتوقف عند “أزمة فكر” تمثلت في الاستخدام الخاطئ لمفردات “الوطن” و”الوطنية”، بعد أن أصبحت تحضر وتغيب بحسب المزاج والهوى والمصالح “الخاصة”.. في التأجيل والتقديم تحضر “الوطنية” ودوافعها لتعزيز المواقف والرغبات الخاصة.. وتغيب للأسباب ذاتها التي تؤدي بالضرورة لتحقيق المبتغى البعيد عن المصلحة العامة.. في توقف المنافسات وعودتها.. في تسمية ممثلي الوطن للمشاركات الخارجية.. في التكريم وفي العقوبات وفي تقييم المشاهد ومحاسبة الأفراد والمجموعات.. فأي وطنية هذه التي تقدم على طبق الانتقائية وفكر “الأنا”.. أي وطنية هذه التي باتت جلبابًا يلبس ويخلع وفق المزاج..؟!
المنتخب هو الآخر بات ضحية أولئك الانتقائيين فحساباتهم معه ونظرتهم له تقودها عاطفة انتمائهم لأنديتهم وتوجهها رغبات إعلامه.. حتى باتوا يصفونه بالمنتخب “الوطني” تارة وبأسماء أخرى في المرات التي تغيب فيها أسماء لاعبي أنديتهم.. أو حين تكون شارة الكابتن على عضد لاعب الفريق المنافس مثلاً.!
الوطنية مفردة عظيمة هي أكبر وأشمل وأهم من أن تضاف إلى جملة هنا أو بيان هناك لتعطيه المصداقية الزائفة.. الوطنية لونها واحد ومعناها واحد لا يتغير بحسب المواقف ولا يتبدل وفق الأهواء.
حين غنى طلال سلامة “باسم الوطن.. العب بفن” كنّا نرددها ونحن نقصد الوطن وليس اللون.. الوطن وليس النجم.. الوطن وليس الفريق.. كنّا نقصد منتخبنا بكل ما يحمله من تمثيل لراية عشنا تحت ظلها ولا نزال من فضل ربي سبحانه أولاً ثم قيادته الحكيمة وشعبه العظيم.. هو الوطن ولا غيره يا كرام..
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..