|


تركي السهلي
البيت المُتصدّع
2019-09-09
لم يفعل أي هلالي بالبيت الأزرق كما فعل سامي الجابر.. هو الوحيد الذي يهز الأركان حتى يلحق به التصدّع في كل وقت، وهو من يتعامل مع ناديه على الدوام بأنانية مُفرطة.
اتخذ ويتخذ، فتى حي سكيرينة، وسط الرياض، الهلال سُلّمًا قصيرًا للوصول إلى ما يريد دون أن يفكر ولو للحظة واحدة بما ستؤول إليه الأمور في رابع أندية العاصمة السعودية. كان سامي كلاعب ومدير كرة ومدرب ورئيس يلتقط في كل مراحله ما يعنيه هو لا ما يعني ناديه آخذًا من الهلال كل ما يحدد حركته ويمنحه البقاء طويلًا في خانة الاستفادة المُستمرة. حينما بدأ المنحدر من "شعيب النميلات"، الضارب في العُمق النجدي، ركل الكُرة في بديعة الرياض صفق له الهلاليون كثيرًا وفرحوا بمقدمه عليهم كما لو كانوا في منطقة قاحلة لا منقذ لهم فيها إلا هو، فاهتدى سامي حينها إلى أن المسألة لن تكون مُتعبة بالنسبة له طالما أن الرغبة الزرقاء انساقت خلفه دون تفكير وأصبحت رهينة حضوره فأعطاها ما تُريد من وهم وغذّى فيها الشعور بالتبعية. لقد كان الهلال مُنهكًا من طغيان غيره.. كان الأزرق بلا أرصدة حسيّة فلجأ إلى سامي الجائع الذي منحه الإحساس بالشبع والتهم هو كل ما في أرضه من خيرات. لم يكن "السُكيريني" الأزرق سوى شخص يمتلك الدرجة المقبولة من الذكاء ولم يكن بحاجة إلى أن يبذل مجهودًا أكبر في التعامل مع الحالة الهلالية فقد كانت المساحة متروكة له بالكامل فاستطاع تحويلها إلى قطع متجاورة يسهل عليه تشكيلها متى أراد وكيفما شاء. التغييب سمة العقول الخاملة.
الأوقات اللاحقة لفترته كلاعب عرف المنطلق من الأزقة الضيّقة كيفية الجري في الطرقات الواسعة والوقوف عند المحطات والتزوّد بما يحتاج إليه دون النظر إلى طابور المنتظرين من المجاميع الزرقاء.. أدرك جيدًا في سنواته معهم أنهم سيفسحون له الطريق وأن قدمه العادية جدًا مُقدّمة على كل الأقدام الأخرى وأن رأسه الذي لا يختلف عن رؤوسهم سيضعون من فوقه التاج وأن جسده غير المميز عنهم سيكون المُكتمل وأن كل ما يفعله بأعينهم لا نظير له. اختلف ابن عبدالله الجابر مع معظم رؤساء الهلال وجنى منهم كما يجني النحّال العسل. روّج الصوت الهلالي للجميع أن سامي يتمتع بذكاء شديد ودهاء عجيب وصدّقت الجماهير الزرقاء ذلك ما جعل الجابر يكسر زجاج ناديهم أكثر من مرة دون أن يُثير ذلك غضبهم يومًا. إن الصورة المرسومة بمنهجية لسامي الجابر طغت على صورته الحقيقية وترك هو لمن منهجه مساحة تلوين مُحددة بعد أن صار المتحكم بالفرشاة واللون. الحقيقة التي لا يريد كل هلالي الاعتراف بها هي أن سامي ألحق الضرر بالهلال أكثر من غيره ولم يتلاعب أحد بالمكوّن الهلالي كما هو لكنهم لا يريدون انهيارًا للجدران الزرقاء المتصدّعة.