|


أحمد الحامد⁩
كلام في الفن
2019-09-13
في الثمانينيات الميلادية، ظهرت موجة أفلام، سُمِّيت بـ “أفلام مقاولات”. معظم النجوم شاركوا في هذه الأفلام بوصفها “سبوبة”، يحصلون من خلالها على بعض المال، إما لزيادة دخلهم، أو لأنهم مضطرون إلى ذلك بسبب سوء الحالة المادية.
كانت بعض الأسماء المشاركة ثقيلة الوزن، مثل عادل إمام، وسعيد صالح، وسمير غانم، ولشدة ابتعاد صناعة أفلام المقاولات عن المعايير الفنية، كانت مدة تصوير الفيلم لا تتجاوز 30 يومًا تقريبًا، ولم يكن مستغربًا إذا ما شارك أحد النجوم في تصوير أفلام عدة في وقت واحد. الراصد لتلك الحالة الثمانينية، يكتشف أن هناك بعض الأسماء التي دخلت عالم الإنتاج ولم تكن لديها الخبرة، ودخلت المجال استسهالًا له، حيث لم تكن هناك مواصفات فنية، أو إدارية للمنتج سوى أنه يمتلك المال. اليوم يحاول النجوم الذين شاركوا في تلك الأفلام ألَّا يتطرقوا إلى تلك المرحلة، لأنها لا تضيف لهم شيئًا، بل يعدُّونها مرحلةً غير ناصعة في تاريخهم. كانت تلك الأفلام لا تمتلك من المواصفات الفنية التي تسمح بإطلاق مسمَّى فيلم عليها إذا ما قورنت بالأفلام الجميلة والممتعة التي تستحق هذا المسمَّى. ندم أولئك النجوم الذين شاركوا في تلك الأعمال رغبةً في زيادة المال لا للحاجة الملحَّة إليه، وسمعت أكثر من واحد منهم يقول إنه لن يعيد تلك التجربة إذا ما عاد به الزمن، الذي لن يعود.
ـ بعيدًا عن المبدع، الذي تجبره الظروف على القبول بما لم ولا يريد القبول به، وقريبًا جدًّا من أولئك الذين امتلكوا الموهبة والشهرة والمال، لكنهم رغبوا في الزيادة المالية على حساب جودة محتواهم، سواء في الأغنية، أو الدراما، لن يضيف لك الظهور المتكرر شيئًا حقيقيًّا ذا قيمة طالما أن المستوى الفني سيئ، ولا يهم المتلقي كم المال الذي أصبحت تملكه، ولا الهدايا التي تلقيتها، ولا المجاملات التي قدمتها، وعندما يمضي الزمن، ستدافع عنك وحدها تلك الأعمال الفنية القيِّمة التي قدمتها ووُجِدَت فيها كافة العناصر التي لها علاقة بالفن الحقيقي، ولا تدخل في أي حسابات أخرى غير فنية.
ـ الحفاظ على المستوى، والظهور الممتاز، يحتاجان إلى مقاومة شديدة من الفنان ضد كل ما ينال من قيمته وتاريخه، وهذا ما صنع الفارق بين مبدع عرف أين يضع قدميه دائمًا، وآخر استهل كل خطواته.