|


محمد الغامدي
أعيدوا حارس البوابة
2019-09-18
لست مع الذين يرون تقنين البرامج الرياضية فهناك الكثير من شرائح المجتمع التي تتلقفها بنهم واهتمام ومتابعة وحتى لو انحرفت قليلًا عن مسارها في الإثارة الخارجة عن المألوف أو التجاوزات فهناك من يقيمها ويعدل مسارها بالتنبيه والتحذير وحتى بالغرامة المالية أو الإيقاف للمخالفين، ولذا نجد أن الانفتاح الذي نشهده يكشف حقيقة التعبير والرأي في وسائل إعلامنا فليس هناك تقييد للمحتوى الإعلامي في ظل السير وفق السياسة الإعلامية التي خطتها الدولة وما يقضي به النظام.
في السابق كانت هناك نظرية اتصال تسمى بحارس البوابة وهو القائم والمسؤول عن الوسيلة الإعلامية والذي يتحكم بمضمون الرسالة المنشورة والمخول بصلاحية تحرير الرسالة وتمريرها للمتلقي وفي اتجاه آخر كانت الرقابة القبلية “ما قبل النشر” تمثل نوعًا من أنواع المتابعة لوسائل الإعلام كما كانت هناك الرقابة البعدية “ما بعد النشر” والآن ومع بروز الإعلام الجديد “الإلكتروني” ظهر انقراض نظرية حارس البوابة إن لم يكن انتفت الحاجة لها لكن في المقابل كيف يمكن لنا تفسير خروج برنامج رياضي عن المألوف يتم بثه في قناة تلتزم بكافة أُطر السياسة الإعلامية ليخرج مقدمه عن تلك السياسة بتمجيد فريق خارجي من خلال الاستهزاء والسخرية بفريق سعودي خسر المباراة دون أن تكون هناك ردود فعل من أصحاب الشأن والاختصاص فهذا أمر يدعو للاستغراب والتساؤل والحيرة؟!
قد يتم القبول جدلًا الانحياز لفريق دون آخر بحكم العاطفة أو تأثيرات أخرى بين الفرق المحلية لكن أن يتم الرقص على خسارة فريق وبابتسامة هوليودية وبشكل استفزازي لمشاعر ملايين الجماهير وأمام فريق خارجي فهذا يدعونا عن آلية ومراقبة البرامج وبالأخص ما يتم بثه دون أن تكون هناك متابعة ووقفة جادة لردع مثل تلك التصرفات التي أصبحنا فيها نشاهد الفرحة والتهكم بخسارة فريق سعودي أمرًا اعتياديًا، ويبدو أننا مطالبون بعودة حارس البوابة ليقف من جديد أمام المحتوى الإعلامي سواء قبل لمعرفة ما يتم تناوله أو بعد لمحاسبة المتجاوزين الذين يتذرعون بالحرية الإعلامية دون أن تكون لهؤلاء حدود أو خطوط حمراء!
لست هنا في موقف متناقض فالحرية الإعلامية المسؤولة مطلب وهو ما نجده في كثير من البرامج الرزينة التي تخاطب العقل ولكننا في الوقت نفسه لسنا مع الفوضى والانفلات الذي يُغلف برداء الإثارة والتشويق والمتابعة وارتفاع أرقام المتابعين!