|




تركي السهلي
البقايا الواهنة
2019-09-21
ما إن يقع النصر في جدال داخلي واختلاف عميق بين مكوّناته حتى ينقضّ عليه الآخرون دون رحمة.
يُصبح التطاحن الأصفر فرصة هائلة لمن يُريد تفتيته وإضعافه، لعب الفريق الحائز آخر نسخة من الدوري مباراته الثالثة في مسابقة هذا الموسم وجنى الهزيمة من الحزم، وقبلها فاز وتعادل وخرج في جانب آخر من منافسة دوري أبطال آسيا للأندية، فسارعت الأطراف الصفراء إلى الهجوم الحاد على مجلس الإدارة والمشرف العام على كرة القدم، دون أن يتذكر أحد أن العناصر الفنية ذاتها خسرت العام الماضي في أربع مباريات وتعادلت في مثلها قبل أن تظفر ببطولة الدوري في المباراة الأخيرة، وغادرت بطولة زايد العربية وأخفقت في بطولة كأس الملك وكان مشوارها الآسيوي متذبذبًا. الفريق الذي لا يُهزم لم يُخلق بعد، وكرة القدم حالة مستمرة من الصعود والهبوط، والجماهير مربوطة دائمًا بعواطفها، والمستديرة تتدحرج دون طواعية إلا لمن يُجيد ملاحقتها دون توقف.
في ظل الوضع النصراوي الحالي على الفرد الأصفر أن يكون مع النادي بكل ما فيه، وألا يتحزّب مع أية طرف، وأن يقطع المسافة حتى أمتارها الأخيرة، وأن يكون حاضرًا في المدرج لا في برامج التواصل، وأن يترك عنه النظر إلى الوراء، وأن يحمل على ظهره مزودة الحُب، وأن تكون يده ممدودة للجماعة لا لتوزيع الخناجر على الواقفين في طابور الحيرة، وألا يدخله الشك حينما يرى العنكبوت وهو ينسج خيوطه على البيت المرتفع في أطراف حي طويق غرب العاصمة الرياض.
على كل نصراوي في هذه المرحلة بالذات ألا يُسلّم عقله لمن يهدف إلى إبقاء الملفات في الأدراج وتمييع قضاياه، عليه أن يُسارع إلى ملء زوايا البيت الأصفر بالحياة حتى تغادر منه البقايا الواهنة. الميزةُ التي يختص بها النصر عن غيره هي وجوده في أنفس محبيه ضميرًا لا يموت وراية لا تُرفرف إلا على القلاع التليدة.
الوقت يحين الآن لتفكيك الخيط الضعيف والصوت الذي لا يقوى على النداء للتراص عليه أن يبقى صامتًا وأن ينسحب من معادلة النصر. فليدع الجميع عنه صفوان والحلافي وكل شخص كان وسيكون، وليضع كتفه بكتف من شاركه السنوات الطوال في الملاعب، وأن يُقرر هو لا غيره كيف يُحب النصر، وأن يضعه في قلبه لا في رأي منتمٍ آخر. سيبقى النادي صاحب الشعبية الأكبر من بين كل الأندية السعودية في منطقته الدائمة.. روحًا وقّادة لا تستكين للخوف ولا تستسلم لليأس.