|


تركي السهلي
الميراث القديم
2019-09-28
يقف نادي النصر على أرض يصعب الوقوف عليها طويلاً، فإما أن يجد من يقرر ذلك محروقاً، أو مهتزاً فيسقط، أو منطلقاً إلى عالم رفيع. والحالة النصراوية شديدة التعقيد عموماً، إذ إن العاطفة البالغة الحساسية تسيطر على المكوّن الأصفر بأكمله، ويتم التعامل مع النادي العاصمي العريق وفق هذا الأمر، ما يجعل الوضع في حال اضطراب دائم وتجاذبات لا تنتهي بين أطرافه.
ومرت على الأصفر مراحل شكلت شخصيته حتى وصل إلى مرحلة الاكتمال داخلياً وخارجياً، وصدّرته على نحو كبير كنادٍ متفرّد ومنبع للنجوم الأفذاذ في حُقب السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات الميلادية، وجذب النصر خلال تلك المدد ما لم يجذبه نادٍ سعودي آخر، وساهم بشكل أساس في تكوين الهوية الرياضية السعودية.
لم يعرف العاصمي الأعرق صعودًا وهبوطًا، كما الفترة التي أعقبت رحيل الأسطورة الكبير ماجد عبد الله والنجم الفذ فهد الهريفي وغياب الأمير عبد الرحمن بن سعود، ودخل جميع من ينتمي له في حال عدم تصديق عن تواري ناديهم وأخذ زمام القيادة والتأثير منه، فتمكنت عاطفة الخوف والتواري من الذين كانوا يوماً يفاخرون بكل ما يحمله من قوة وعنفوان. وكان على النصر في كل مراحل الغياب أن ينتظر حتى ينبعث من جديد وهو ما تحقق بوصول فيصل بن تركي لرئاسة الكرسي الملتهب عام 2009م، لتبدأ فترة مغايرة من فترات الأصفر أعادته إلى الوهج مرة أخرى وأخذ مساحته التي يستحقها بعد غياب طويل. ورغم أن سنوات ابن تركي كانت متذبذبة مع النصر، إلاّ أنه يُحسب له الظهور بمظهر المتحدي القوي الظاهر بعد أفول، ونجح في ذلك وحقق الدوري مرتين متتاليتين في مشاهد كانت صاخبة للغاية من حيث المنافسة والفوز. في كل الأحوال كان النصر يخوض معاركه وحده، وحين ينتصر على ذاته لا مكان لأحد غيره.
النصراويون يتعلقون كثيراً بالأفراد خصوصاً الرؤساء، وما زالت لديهم صورة الرمزية تلاحقهم ولم يستطيعوا الخلاص منها، ويبدو أنهم لا يرغبون في ذلك بالرغم من كم الفرص الهائلة التي أتيحت لهم لإعلاء شأن الكيان فوق الأفراد.
اليوم، يتعامل الأصفر مع الوضع الداخلي في ناديه كما كل مرة.. انتظار السيد الأوحد وإعطاؤه عاطفته وهو الذي تم مع رجل طاغ الحضور كسعود السويلم العام الماضي، لكنه عندما رحل بعد موسم استثنائي طفق النصراوي يبحث في الأرجاء عن سيّد جديد، وكأن لا أصفر في الخارطة. مرحلة صفوان والحلافي اليوم تصب في مراحل الميراث القديم.