أظن أنني كتبت، مرّةً أو أكثر، ساخرًا، أو مقلّلًا من أهميّة الكتاب المسموع والمكتبة الصّوتيّة. الإنسان، فعلًا، عدوّ ما يجهل!. ونعم، أبديتُ العدَاءَ لعالم جميل من عوالم القراءة، فقط لأنني كنت أجهله!.
ـ صحيح أنني لم أقل أبدًا إنني جرّبتُ ذلك الأمر من قبل، لكنني أتذكّر مرّات كثيرة تحدّثتُ فيها، كتابةً أو مشافهةً، عن عدم استساغتي وانعدام اتفاقي مع القراءة عن طريق الأُذنين!. لا أتذكّر متى ولا أين، لكني لا بد أنْ أكون قد فعلت، كيف لا وأنا الذي أستهجن حتى القراءة العاديّة من الحواسيب، وأكاد أتّهم أصحابها بالافتقار إلى الذوق وإلى روح القراءة!.
ـ قبل أيّام، وبسبب ألم بسيط في الظهر، وجدتني أتّجه إلى "الآيباد" ووجدته يذهب بي مباشرة، فيما يشبه صدفة متحدّية، إلى رواية "في قبوي" لدوستويفسكي!. وهي واحدة من أعماله الشهيرة التي ولسبب لا أعرفه لم أقرأها!.
ـ التوقيت في الزاوية أسفل الفيديو يشير إلى "5:45:43" زمنًا للقراءة!. كان ذلك أول فَرْق خطر ينبّهني إلى أنني قارئ مُستجَدّ في المكتبة الصوتيّة!. لم يكن ولن يكون من السهل أبدًا تقبّل الأمر بترحيب ويُسْر!. عُمْر كامل مع أرقام الصفحات ينقلب فجأةً إلى توقيت ساعة!.
ـ كل ما قدرتُ عليه هو تحمّل ثلاث دقائق و "27" ثانية!. عند هذا الحد أوقفتُ التسجيل، ولم أعد إليه حتى الآن!.
ـ ما أكتبه لكم إذن هو خبرة ثلاث دقائق وسبع وعشرين ثانية من القراءة سمعًا لا أكثر ولا أقل!. فاستروا على ما تواجهون!.
ـ لم أتوقّف لغياب الملاحة في الأمر، فقد كانت الكلمات مسموعة بشكل ممتع، ولم أحتج إلا لأقل من نصف هذه المُدّة لأعرف أنّ هذا العمل ممتع، وممتع جدًّا، بحيث من الغباء تفويت قراءته!.
ـ يصعب وصف شعوري حقيقةً، لكنه كان خليطًا من الغيرة والغضب والخجل والرغبة في الوفاء والشوق!.
ـ الغيرة من أن هذا الصوت الذي يقرأ لي يشاركني القراءة بل يسبقني فيها فألحقه!.
ـ والغضب من أن هذا الصوت نفسه يعرف كل ما سيأتي ويسقيني إيّاه قطرةً قطرةً حسب هواه وهوائه!.
ـ والخجل من استسلامي لسيطرة هذا الصوت، هذا القارئ الآخر، وتسليمي إياه مقاليد الأمور بخنوع مهزوم!. أنا الذي أعتبر القراءة انتصاري الأكبر!.
ـ وأخيرًا، الرغبة في الوفاء للكلمات المتلاحقة عبر السطور والصفحات!. ذبحني الشوق لصوت الورقة حين أقلبها، لملمسها في أصبعي!، الشوق إلى رؤية النقطة والفاصلة!. لذلك أوقفتُ وتوقّفت!.
ـ ثلاث دقائق وسبع وعشرون ثانية، كانت مبهجة، وهي ليست مسؤولة أبدًا عن تجربتي السابقة في القراءة الورقيّة، أشعلتْ نشاطًا في روحي وجسدي، أذهَبَ عني بفضل الله كل ما كنت أشعر به من آلام في الظهر، ولقيتني أتجه إلى مكتبتي الورقيّة أبحث فيها وأُفتش بنشوة محمومة عن رواية "في قبوي"!.
ـ واليوم، أُقرّ بأنني اكتشفت سحرًا بارقًا في الكتاب الصوتي، إنه يتيح لرجلٍ مثلي فرصة شمّ الزهور، فإن طابت له، ركض إلى الحديقة أو الغابة، أو الصحراء إن كانت لا تنبت إلا في الصحراء، وهناك قطَفَ ولعِبَ وخربش وتحرّش على هواه!.
ـ صحيح أنني لم أقل أبدًا إنني جرّبتُ ذلك الأمر من قبل، لكنني أتذكّر مرّات كثيرة تحدّثتُ فيها، كتابةً أو مشافهةً، عن عدم استساغتي وانعدام اتفاقي مع القراءة عن طريق الأُذنين!. لا أتذكّر متى ولا أين، لكني لا بد أنْ أكون قد فعلت، كيف لا وأنا الذي أستهجن حتى القراءة العاديّة من الحواسيب، وأكاد أتّهم أصحابها بالافتقار إلى الذوق وإلى روح القراءة!.
ـ قبل أيّام، وبسبب ألم بسيط في الظهر، وجدتني أتّجه إلى "الآيباد" ووجدته يذهب بي مباشرة، فيما يشبه صدفة متحدّية، إلى رواية "في قبوي" لدوستويفسكي!. وهي واحدة من أعماله الشهيرة التي ولسبب لا أعرفه لم أقرأها!.
ـ التوقيت في الزاوية أسفل الفيديو يشير إلى "5:45:43" زمنًا للقراءة!. كان ذلك أول فَرْق خطر ينبّهني إلى أنني قارئ مُستجَدّ في المكتبة الصوتيّة!. لم يكن ولن يكون من السهل أبدًا تقبّل الأمر بترحيب ويُسْر!. عُمْر كامل مع أرقام الصفحات ينقلب فجأةً إلى توقيت ساعة!.
ـ كل ما قدرتُ عليه هو تحمّل ثلاث دقائق و "27" ثانية!. عند هذا الحد أوقفتُ التسجيل، ولم أعد إليه حتى الآن!.
ـ ما أكتبه لكم إذن هو خبرة ثلاث دقائق وسبع وعشرين ثانية من القراءة سمعًا لا أكثر ولا أقل!. فاستروا على ما تواجهون!.
ـ لم أتوقّف لغياب الملاحة في الأمر، فقد كانت الكلمات مسموعة بشكل ممتع، ولم أحتج إلا لأقل من نصف هذه المُدّة لأعرف أنّ هذا العمل ممتع، وممتع جدًّا، بحيث من الغباء تفويت قراءته!.
ـ يصعب وصف شعوري حقيقةً، لكنه كان خليطًا من الغيرة والغضب والخجل والرغبة في الوفاء والشوق!.
ـ الغيرة من أن هذا الصوت الذي يقرأ لي يشاركني القراءة بل يسبقني فيها فألحقه!.
ـ والغضب من أن هذا الصوت نفسه يعرف كل ما سيأتي ويسقيني إيّاه قطرةً قطرةً حسب هواه وهوائه!.
ـ والخجل من استسلامي لسيطرة هذا الصوت، هذا القارئ الآخر، وتسليمي إياه مقاليد الأمور بخنوع مهزوم!. أنا الذي أعتبر القراءة انتصاري الأكبر!.
ـ وأخيرًا، الرغبة في الوفاء للكلمات المتلاحقة عبر السطور والصفحات!. ذبحني الشوق لصوت الورقة حين أقلبها، لملمسها في أصبعي!، الشوق إلى رؤية النقطة والفاصلة!. لذلك أوقفتُ وتوقّفت!.
ـ ثلاث دقائق وسبع وعشرون ثانية، كانت مبهجة، وهي ليست مسؤولة أبدًا عن تجربتي السابقة في القراءة الورقيّة، أشعلتْ نشاطًا في روحي وجسدي، أذهَبَ عني بفضل الله كل ما كنت أشعر به من آلام في الظهر، ولقيتني أتجه إلى مكتبتي الورقيّة أبحث فيها وأُفتش بنشوة محمومة عن رواية "في قبوي"!.
ـ واليوم، أُقرّ بأنني اكتشفت سحرًا بارقًا في الكتاب الصوتي، إنه يتيح لرجلٍ مثلي فرصة شمّ الزهور، فإن طابت له، ركض إلى الحديقة أو الغابة، أو الصحراء إن كانت لا تنبت إلا في الصحراء، وهناك قطَفَ ولعِبَ وخربش وتحرّش على هواه!.