|


د. حافظ المدلج
ضريبة التمثيل
2019-10-08
علمونا في المدرسة أن طفلاً مازح رفاقه بالتمثيل بأنه يوشك على الغرق وحين هبوا جميعاً لنجدته ضحك في وجوههم، ثم كرر المزحة مرة أخرى فلم يحاول إسعافه إلا بعضهم، فكرر ضحكته، ثم تعرض للغرق فعلاً وحين استنجد بكل جوارحه لم يسعفه أحد فمات غرقاً، وللقصة هدف واضح بعواقب الكذب التي تفقد الإنسان مصداقيته فيدفع “ضريبة التمثيل”.
في كرة القدم نجوم ممثلون يتفننون في خداع الحكم للحصول على ضربات جزاء أو تعريض خصومهم للبطاقات الملونة، والمتابع يستطيع بسهولة تسمية النجم المخادع في أي فريق، خصوصاً في زمن الإعلام الرقمي الذي أصبح يرصد كل صغيرة وكبيرة وينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولأن العالم قرية كونية صغيرة فإن سمعة النجم “الممثل” ستسبقه وسيأخذ الحكم انطباعاً سلبياً عنه فلا يحتسب له ضربة جزاء صحيحة، وتلك “ضريبة التمثيل”.
وتختلف نظرة المجتمعات تجاه النجم “المخادع” بين مجتمع يؤمن بمقولة “اللي تغلب به العب به”، فيشجع النجم على التمثيل ويعتبره ذكاء ومهارة، ومجتمع منضبط يرى في “التمثيل” على الحكم فسادًا أخلاقيًّا تجاه الخصوم للفوز بطرق غير مشروعة، وللأسف أن بعض مجتمعنا الإسلامي يدعم مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة” فتهتز القيم ويدفع المجتمع “ضريبة التمثيل”.
كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي أسلوب حياة يمكن أن نحكم بها على المجتمع بأكمله، ففي أوروبا تقدمت كرة القدم بأخلاقها ونزاهة نجومها مع تقدم المجتمع الرافض بشدة للتمثيل والغش والفساد، في حين تأخرت الكرة في أمريكا الجنوبية بسبب بعض نجومها المخادعين، وكان ذلك انعكاساً لمجتمعات دمرها الفساد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ولذلك يمكن القول بأن الارتقاء بالرياضة وقيمها النبيلة سيجنبنا بإذن الله “ضريبة التمثيل”.

تغريدة Tweet:
في “السعودية العظمى” نعيش مرحلة جديدة من مكافحة الفساد على كافة المستويات، بدأت في الرابع من نوفمبر 2017 وستستمر بإذن الله حتى تتحقق “رؤية 2030” التي أجزم أنها ستصعد بنا لمصاف الدول المتقدمة وستتجاوز تجارب سنغافورة وماليزيا التي تعتبر نماذج دولية تدرّس في الجامعات، ولذلك أشيد بالخطوات الإيجابية للهيئة العامة للرياضة التي تؤسس للحوكمة مع التأكيد على ضرورة الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية لضمان أعلى مستويات الشفافية والضبط المالي الذي سيمهد الطريق لمرحلة التخصيص بإذن الله، وعلى منصات المصداقية نلتقي.