|


أحمد الحامد⁩
فواتير مطاعم
2019-10-19
صاحب مطعم صغير “بوفيّه” يبيع الساندويش بثلاثة ريالات، أكلت عنده طعاماً لذيذاً وشربت شاياً بالحليب، كل ذلك كلفني 8 ريالات.. والحقيقة أنني لم أستمتع بمثل هذا الطعم الذي تذوقته منذ مدة، حتى في تلك المطاعم التي تدفع بها فاتورة مكونة من ثلاثة أرقام، لا أتصور أن المبلغ القليل الذي دفعته في “البوفيه”، هو من جعلني أشعر بالسعادة وانفتاح الشهية.
لقد كانت الساندويشات لذيذة حقاً، أحب الأكل في الأماكن الشعبية حيث الرهان على الطعم لا على جمال المكان وأضوائه، وكم من مطعم شعبي يقدم طعاماً ألذ من مطعم ذي تصميم جذاب يستقبلك به “الجرسون” قائلاً: أهلاً وسهلاً شيخ.. وين حاب تئعد!؟ المطعم الشعبي يحاسبك على ما أكلته من طعام فقط، بينما يحاسبك المطعم ذو الموقع المتميز والديكور الجميل على الطعام والموقع وإيجاره المرتفع والديكور وتكلفة البدلة التي يرتديها الجرسون، أما جودة الطعام فلا تعترف بجمال المكان ولا موقعه، بل بذلك الطباخ الذي يختفي خلف الكواليس، سواء كان الطباخ في مطعم خمس نجوم أو في المطعم الذي أكلت به طعاماً لذيذاً مقابل 8 ريالات.
قبل عدة أشهر زرت صديقاً إعلامياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، يأخذنا الحديث للمتعة التي ننسى بها الزمن فيتأخر الوقت وتعمل المعدة على تذكيرنا بوجودها وبالجوع الذي أصابها، فتطالبنا بملئها حتى لا تتعكر الأمزجة، في إحدى المرات طلبنا طعاماً دفعنا فيه مبلغاً مرتفعاً، كان المبلغ المرتفع مناسبة لطرح موضوع فواتير المطاعم المرتفعة والأكل من المطاعم، بحسبة سريعة تفاجأت بأن صديقي يدفع ثلث راتبه على المطاعم بصورة شهرية، لم يصدق عندما حسبته له سنوياً، ومبلغاً كبيراً جداً إذا ما حسبته على خمس سنوات، كل ذلك والمعدة لا تعرف ولا يهمها أن تعرف من أي مطاعم تشتري لها الطعام طالما كان نظيفاً وشهياً، تخلى صديقي عن دفع الفواتير على المطاعم مرتفعة الثمن.
واكتفى بما يصنعه في مطبخه الصغير من طعام سريع التجهيز، قبل مدة قليلة اصطحبني بسيارته الجديدة والجميلة، وعندما باركت له على شرائه السيارة، قال بأنه سيدفع كامل أقساطها بعد ثلاث سنوات وسيمتلكها بعد أن يسدد ثمنها، وأضاف بأنه يدفع لها كل شهر ما كان يدفعه للمطاعم دون أن تشتكي له معدته.