|


أحمد الحامد⁩
مع الحلاقين
2019-11-09
البشاشة والتواضع والخجل كلها صفات حميدة، ولكن احذر عزيزي القارئ أن تحملها معك أينما ذهبت، لا تأخذها معك إلى الحلاق مثلاً فيستغل مواصفاتك الطيبة هذه في أن يجعل منك مستمعاً رغماً عنك لكل أحاديثه العبثية واللامتناسقة، مشكلة الحلاق أنه لا يتعامل مع الجميع على أنهم مستمعون.
وقد يبدأ بالحديث عن كرة القدم ثم يمر بذكريات مدرسته وهو صغير، ثم يتحدث عن مواصفات جورباتشوف، ثم عن صاحب العمارة الذي استأجر منه محل الحلاقة، وكيف أنه رجل بخيل وطماع؛ لذلك عزيزي القارئ الطيب لا مانع من أن تدخل على الحلاق ووجهك مكفهر عابس، فأنت تفعل ذلك دفاعاً عن أعصابك، قل له ما تريد ثم قطّب من حاجبيك وحاول أن تظهر بأنك رجل غير ودود، بهذه المواصفات يمكنك أن تحصل على أمرين: أن تتخلص من ثرثرته بالإضافة إلى حلاقة سريعة، فهو يريد أن يتخلص منك بأسرع وقت حتى يأتي دور من سيستمع لثرثرته.
حاول الناس الذين أزعجتهم أحاديث وأسئلة الحلاقين أن ينتقموا منهم خارج صالون الحلاقة، فراحوا يؤلّفون النكات عنهم في مصر، ومما صنعوه من نكات عن الحلاقين: "مرة حلاق وابنه بيتفرجوا على ماتش كورة، فقال المذيع: وشاطها بمشط رجله وجت في المقص، فقال ابن الحلاق: بابا دول بيلعبوا في العدة!".. "حلاق آخر يحلق للزبون وكلما رن جرس الهاتف كان يجرح الزبون بالشفرة.. لماذا؟ حتى يعرف الحلاق أين وصل في الحلاقة".. رجل أصلع دخل على الحلاق وبقي منتظراً حتى جاء دوره، قال له الحلاق: تفضل بالجلوس واعلم أن ثمن الحلاقة هو 300 ريال.. الزبون: ولماذا كل هذا المبلغ الكبير؟
الحلاق: لأنني أتعب كثيراً في البحث عن الشعر..
لكن الحلاقين مهما قيل عنهم من نكات يعيشون في مواسم الأعياد مجدهم وأفضل أوقاتهم، ويصبح الحلاق محبوباً عند الجميع حتى لو ثرثر في الكلام، في بعض الدول الجمهورية العربية يقال عن كرسي الحلاق ليلة العيد: كرسي الحلاقة أهم من كرسي الرئاسة.
الجميل أن الحلاقين اليوم يختصون في قص الشعر فقط، والحمد لله أننا لم نولد في الزمن الذي مارس به الحلاقون الجراحة وعلاج الأسنان في آن واحد.