|


تركي السهلي
اليوم الأزرق
2019-11-23
لا أحد يمكنه لوم الهيئة العامة للرياضة أو الاتحاد السعودي لكرة القدم في دعم فريق الهلال الأول في معركته الفاصلة والتاريخية أمام فريق أوراوا الياباني، وما يفعلانه هو الصحيح لكن الهلاليين استغلوا الدعم والتأييد على نحو غير منضبط وأخرجوا مسألة الدعم عن مسارها وبدؤوا في تحويل الأمر إلى تصدير صورة إلى الداخل، تحاول جعل الهلال في خانة التأثير وأنه يمثل الأغلبية.
بينما في حقيقة الأمر أن الجماهير الزرقاء لا تشكّل سوى أقليّة في المجتمع الكروي.
إن محاولة فرض الانتماء وتلوين مختلف الأطياف الكروية بطيف واحد خطأ عميق وعقدة أصيلة لم يتخلّص منها الهلالي طوال تاريخه، وتسويق ما ليس واقعاً على أنه وقع. لقد شاهد الجميع كيف استغلّت القلّة الزرقاء الوقوف إلى جانب فريقها بأخذ معظم الأجهزة الحكومية معهم إلى طغيان الهلال في المجتمع، وتصوير مباراة الهلال على النهائي الآسيوي وكأنها المباراة المرتقبة من المجتمع بأكمله، وأن المصانع والمدارس والوزارات والناس ستكون متوقفة لمتابعة الحدث، وأن الإنتاج والعمل والتعلّم لا بد أن يتعطّل هذا اليوم لأن المجتمع ذاته لن يشغله شيء سوى فرحة الزعيم، وهذا مسلك غير مقبول حتى إن كان مسلكاً وقتياً محدوداً بساعتين منتصف نهار عابر. إن ربط الحياة اليوم بالنزال الآسيوي للأندية الأبطال غير صحيح على الإطلاق، ولا يمكن إيهام الجميع أن كل شيء سيكون واقفاً في انتظار النتيجة. إن الأقليّة الهلالية عانت من طغيان الغير على صعيد التشجيع طوال سنوات مضت، ولم يتمكن الأزرق من تسويق ذاته بلونه وتشجيعه ككتلة مؤثرة، فلجأ إلى اقتناص أي دعم ليقول هأنذا الأكثر والأغلب.
لقد تجرّع الهلالي مرارة العجز عن بناء خطاب واضح رغم قدرة فريقه في أحيان كثيرة، وبدا على الدوام ضعيفاً هزيلاً لا يقوى على مغادرة منطقته الموهومة، وفشلت كل محاولاته في تقديم صورة مؤثرة مقبولة من أنصار الفرق الأخرى التي نجحت في تنميط صورة الهلالي وإرباك شخصيته ونزع ادعاءاته منه، وجعله يواجه حقيقته على الدوام.
اليوم، على كل هلالي أن يقف مع ذاته كثيراً، وأن يبتعد عن مشاعر الخوف المسيطرة عليه، وأن يرمي بكل دوافع النقص إلى خارج قفصه الصدري، وأن يلمس قلبه بيده ويملأه بالدفء وأن ينطلق نحو الخلاص من أوهام نفسه، وأن يقبل كل القبول بهيئته الحقيقية، وأن يعترف أمام ذاته قبل الآخرين بأنه لا يمكن أن يكون طاغياً وسط أغلبية يمتلكون لغة لا يمتلكها هو.