|


محمد الغامدي
أيوب العالمية
2019-11-27
عادة لكل شخص مدة زمنية للتحمل والتماسك قد تقصر أو تطول حسب قدرته على تحمل الضغوطات والأذى النفسي، لنضرب مثلاً بمجموعة صغيرة بالمئات أو كبيرة بالآلاف أو الملايين تتوالى فيها أساليب التهكم والسخرية وتتردد عليها بعض العبارات بعدم قدرتها الوصول لهدف محدد أو منجز معين، وتستمر على ذلك ليس عامًا وعامين بل لعشرين عامًا، هنا تتراكم تلك الضغوط وتتفاقم، وفي النهاية لا بد تصل حالة الكبت إلى الانفجار!
حالة صديقي الذي انقلب حاله رأسًا على عقب بدءًا من عصر الأحد تغيرت ملامحه ولهجته وعباراته، وازدادت نبرة صوته وحدتها، وخرج عن طوره في كثير من المواقف، التي كان فيها حديثه هادئًا وقورًا أو كما يقال في العبارة الشعبية المتداولة كان “يباري الساس”، أي الشخص المسالم الذي لا يستطيع المواجهة، فأصبح على غير عاداته يظهر تصرفات غير معتادة، بل وصل به الحال أن صراخه تجاوز حدود المكان وهو الصديق الأربعيني!
لم أستغرب ردة الفعل، فعادة يصاحبها نتائج وآثار وتراكمات سلبية وإفراط في السلوك قد تصل إلى حال أسوأ من ذلك، مع كثرة الكبت المتوالية سواء من المجتمع الملتصق به والبيئة المحيطة أو الإعلام بشتى أنواعه التقليدي والجديد الذي يواجهه ليل نهار!
هذه الحالة رأيتها رأي العين بعد إحراز الهلال لكأس آسيا، وعرفت من خلالها أن هناك مشاعر مكبوتة طوال تلك المدة من الغياب عن المشاركة العالمية أسوة بوجود جاره وغريمه الأزلي النصر، وأن ذلك يمثل غصة في حلق محبي الأزرق، فخرجت بعض العبارات والمفردات التي يفترض من كل نصراوي أن يراعي فارق التوقيت، فالمدة الزمنية الشاسعة مقارنة بين مشاركة النصر كأول فريق سعودي وآسيوي في كأس العالم بالبرازيل والهلال الفريق الثامن خليجيًّا والـ15 عربيًّا والـ21 آسيويًّا والـ68 منذ إقامة هذا الحدث كفيل بأن تتأزم تلك المواقف وتنفجر تلك المشاعر، وتظهر بعض السلوكيات والتصرفات الفردية، وأن يفرح الكثير على انتقال عبارة العالمية صعبة قوية إلى مثواها الأخير، بعد أن أصبحت لزمة ملاصقة، وعاشت في كنف كافة الجماهير النصراوية وغيرها التي رددتها في كل مباراة بل حتى الجماهير الهلالية لم تنسها، بعد خروج فريقها في إحدى السنوات.
وبالمناسبة بعد التصاق العالمي بالنصر والمونديالي بالاتحاد، وبعد مجيء الهلال لزامًا علينا أن نطلق عليه “أيوب العالمية”، نظير صبره وجلده ونضاله طوال عشرين عامًا!