|


تركي السهلي
الاحتفال الأزرق
2019-11-30
الفوز الهلالي بدوري كأس آسيا للأندية الأبطال انعكس على كل مكوّناته فرحاً بالخلاص من الهزيمة لا تعبيراً بالانتصار، وهذه مسألة كانت واضحة وطاغية على المشهد برُمّته، فقد كانت عالمية النصر الأصيلة مهيمنة على ردود أفعال الآسيوي الأزرق، وكأن القارّي الجديد انتظر لنحو 19 عاماً كي يُزيح في نهاية المطاف عن ناظريه صورة الأصفر الشاخصة أمامه لعقدين من الزمان.
والحقيقة أن الصورة الصفراء العتيدة لا يمكن إزاحتها بمجرد وصول الهلال إلى بطولة كأس العالم للأندية ومشاركته مع أبطال القارات في قطر بعد أيّام، فالأثر الأصفر الطويل لا يمكن إزالته بسهولة عن كل ما هو أزرق، وستظلّ "العالمية" جُرحاً غائراً في الجسد الهلالي لن يندمل بمجرد اللعب في البطولة العالمية. وبالعودة إلى التعابير الهلالية خلال الأيام الماضية، فقد ركّزت أصوات أنصار فريق "العريجاء" على الانطلاق نحو الجار الكبير والعالمي الأول أكثر من تركيزها على الاحتفاء بفريقها، ولولا إنقاذ الهيئة العامة للرياضة والشباب ومن بعدها الهيئة العامة للترفيه وإقامة احتفالين كبيرين للهلال، لبقي العاصمي الرابع في فرحته الباهتة ولغته المهزوزة وصوته المبحوح المتقطّع. ولا شك هنا أن الهيئتين الحكوميتين ابتعدتا كثيراً عن الحيّادية وتجاوزت عن كونهما جهازين رسميين يرعيان الجميع، وأن لياليهما للجمهور السعودي بأكمله. إن الفرح بالنسبة لجمهور الهلال حق أصيل لا أحد ينازعه فيه، لكن الجميع كان ينتظر أن يكون الاحتفاء نابعًا من أنصاره لا من جهات لديها مشروعاتها الكبيرة تجاه كل أطياف الوطن، ولم تكن الجهتان الكبيرتان في حاجة إلى أن تظهر في صورة الراعي لطرف دون آخر. إن الأمر سيكون مقبولاً لو خصصت أمانة الرياض ساحة في العاصمة وتركت للأنصار أن تتعامل مع فريقها بطريقة تعنيهم ولا أحد سواهم، وحمت المساحة المفتوحة لهم ووفرت كل سبل النجاح والأمن لهم والتقى الجمهور بفريقه وسط مدينته، ولن يرى أحد في ذلك أي غرابة وستكون المسألة في نطاقها الطبيعي والمتعارف عليه في كل مدن العالم المحتفلة بفرقها الأبطال. وإذا كانت هيئة الرياضة ومعها هيئة الترفيه سترتكز في تبريرها على تقدير القيادة للفريق الهلالي، فإن القيادة رعت وسترعى كل منجز دون أن تنظر لمكوّنه الصغير الذي انطلق منه، وهي تؤمن على الدوام أن كل فوز لا بد أن يحظى باللقاء والمباركة، وهي ستبقى الراعية المقدرة للجميع سواء كان درّاجًا أو ملاكمًا أو سائق سيارات رياضية أو حتى رامي سهام.