|


أحمد الحامد⁩
دعوة غداء
2019-12-07
اعتدت أن أرى بعضاً من أشكال الحياة في ظروف صديقي أبو عبد الله الذي التقيه عدة مرات كل شهر، إنه صديق حقيقي وليس خيالاً، فأنا هنا لا أتحدث عن نفسي ولا أتخفى خلف مسمى صديق كما يفعل بعضهم، خصوصاً عندما كنا نستمع لبعض الاتصالات على مفسري الأحلام: يا شيخ صديقي رأى أنه يسقط في بئر، ما تفسير ذلك؟
وكأن صديقه لا يستطيع التحدث أو لا يعرف كيف يتصل!، فالمتصل هو من رأى أنه يسقط في البئر لكنه لا يريد أن يعترف بذلك، أعود للصديق الذي يتأثر مزاجه بمستوى الود والتنافر بينه وبين زوجته، أحياناً أراه أنيقاً تعلو الابتسامة وجهه، ينظر للحياة بتفاؤل ولا يفوّت فرصة الثناء على زوجته، كونها شريكته في مشوار الحياة وإن الله قد وفقه في زواجه منها، ثم لا يذكر اسمها دون أن يقول “حبَيّبتِي”، ما إن يستمر على هذا الحال عدة أيام حتى أراه في لقاء جديد والكآبة تعلو وجهه، وكأنه يحمل جبلاً من حزن فوق كتفيه، ثم يبدأ بالحديث عن قراره السيئ الذي اتخذه عندما قرر الزواج، ثم يبدأ بلعن الذين أشاروا عليه بالارتباط بزوجته هذه، ثم يقسم إن الزواج قبر المبدع الذي يحفره بيديه عندما يذهب بنفسه مقدماً أمواله ليرتبط بإنسانة تقاسمه تفاصيل يومه دون فهم أو إدراك لمزاج المبدع أو متطلباته.. في البدايات كنت أتفاعل معه وأحاول أن أهدئ من انفعالاته، ومن مستوى تهديداته لزوجته وأسرتها، وأوصيه وهو عائد إلى بيته بالهدوء والرحمة، أما الآن فلم أعد أفعل ذلك، بمجرد النظر إليه من بعيد أعرف وضعه وحاله، إن كان أنيقاً ومبتسماً فمعنى ذلك أن علاقته بزوجته يسودها الحب والسلام، ومعنى ذلك أيضاً بأنني سأحصل على مشوار يغلب الضحك والنكات على أجوائه، أما إن رأيت صديقي عابساً فأعرف أن علاقته اليوم سيئة بزوجته، في المرة الأخيرة رأيته مكتئباً ومستعداً للبدء في حديثه الذي أعرفه جيداً، قلت له بأن علاقته بزوجته علاقة طبيعية، تشبه تقلباتنا وتبدل أحوالنا في الحياة، نظر إليّ بحزن قائلاً: والله لأطلقها!، قاد سيارته نحو وادي حنيفة، شربنا الشاي المعد على الجمر، أعاد على مسامعي كل ما يعتقد بأنه يضعف رجاحة عقل النساء ويقلل من وفائهن، حاول أن يثبت صحة كلامه بذكر بعض الأحاديث والقصص التراثية، قال إن الطلاق حل جذري لخطأ ارتكبه منذ سنوات، أوصلني عند بيتي وذهب نحو بيته، بعد ثلاث ساعات اتصل بي قائلاً: أنا وحبيبتي أم عبدالله ذكرناك بالخير وقلنا نعزمك عالغدا بكرة.