|


تركي السهلي
الفراغ الطويل
2019-12-08
الأيام التي تلت فوز الهلال بكأس الأندية الآسيوية أبطال الدوري، كشفت الفراغ الكبير الذي يعاني منه العقل الأزرق وعجزه عن بناء جسر لغوي كبير في مواجهة هيمنة اللغة النصراوية القوية المنسوجة من قبل المكوّن الأصفر على مدى 19 عاماً.
وظهرت المفردة الهلالية في حال شلل تام في التعبير عن المنجز الكبير، ما دعاها إلى استدعاء كل الجُمل النصراوية واستحضارها في محاولة بائسة للخلاص من الاحتلال الأصفر الشديد للمشهد الجماهيري، فبدت مثار ضحك من صائغ اللغة النصراوي أولاً ثم البقية من الأندية الأخرى. والمُتابع الجيّد لكل الطروحات الزرقاء خلال الأيام الماضية سيرى بكل وضوح كيف أن الهلالي لم يستطع الانفكاك من سطوة العقل النصراوي ووقف أمامه بلا قوة تذكر، ما دفعه إلى استجلاب أغنية عراقية هزيلة واعتمادها في مواجهة المد الأصفر. واتضح الجمود الهلالي منذ اللحظة الأولى للفرح، فلجأ بداية إلى السطو على لقب “العالمي”، لكنه فشل لأنه وفي كل مرة كان يُقابل بلغة نصراوية لا تقبل الاستنساخ. إن الفوز الهلالي بكأس آسيا المُنتظر منذ نحو عقدين من الزمان أظهر الفصيل الأزرق على حقيقته، فهو وإن كان يملك فريقاً جيداً لكرة القدم، إلا أنه يفتقر إلى لغة خاصة به وإلى كبير يجيد حبك المفردات وتحويلها إلى موجة جماهيرية طاغية، تُمكّن الأطراف الزرقاء من اعتماد قاعدة تُبنى عليها كل هتافات المُدرّج. لقد سقط اللغوي الهلالي في فخ التقليد وأعطى دلالة على أن اللغة لا تُسعف كل من أراد صياغتها، وأن المسألة ليست مجرد أحرف يمكن رصفها في جملة واحدة. إن التعبير حالة طويلة وممتدّة تتكوّن بالدرجة الأولى من مخزون هائل من المعرفة والإدراك، ولذلك كان الأولى بالهلالي أن يبتعد عن هذا الميدان والتركيز على ما هو موجود على الأرض وما بين يديه، لا البحث عن تربة لا يعرف كيف يطرح فيها زرعه ولا عن أفق لا يقدر على التحليق فيه. لقد رزح اللسان الأزرق تحت وطأة لغة شديدة التأثير لسنوات طوال وممارسات صفراء بالغة الهيمنة ومفردة متجددة مع كل إخفاق هلالي في البطولة القارية أو غيرها من البطولات المحليّة، وأوجد النصراوي قبولاً له لدى جماهير الأندية السعودية والخليجية، واعتُمِدت لغته من الجميع ووجد الهلالي نفسه مُحاصراً بفعل حركة جماهيرية لا ترحم، وحينما أراد الأزرق التخلّص من كل هذا وجد نفسه مردداً لذات اللغة دون أن يدري. إنه الفراغ الطويل.