|


تركي السهلي
الأصوات المختبئة
2019-12-29
عندما غاب الفريق الأول لكرة القدم في نادي النصر عن الفوز ببطولات محلية لنحو 18 عاماً، إلا من كأسين للاتحاد ظفر بهما من أمام الاتحاد والهلال، لم يخرج نصراوي واحد ليقول إن كفّة العدل تميل إلى غيره، وإن يد العطاء لم تمتد إليه، بل إن كل أصفر كان على يقين أن المرحلة ليست مرحلة العاصمي العريق.
لم يناد المنتمي للون الحياة الفاقع بالتفاتة المكاتب، وأن عاصميّه العريق يتشكل من نسيج التاريخ والتأثير، إنما انزوى في ركنه النزيه حتى تتضح المسائل وتستقيم الأمور. لم يكن النصراوي حينها متمسكاً بمناطقيته ولم يكن بعيداً في ذات الوقت إنما كان متأهباً في ركنه النزيه، يؤمن أشد الإيمان بأنه لم يعد لديه ماجد ولا الهريفي ولا خميس ولا عبد الرحمن بن سعود. كان الأصفر العريق صامتاً كأسد ينتظر لحظة الانقضاض وهو ما فعله حين حل العام 2014م. في مرحلة الغياب النصراوية لم يرأس النادي الكبير رجل أعمال ولا مدير عام أراض في بلدية. لقد كان النصر يُجيد الفصل تماماً بين الرسمي والشعبي، لذا طال غيابه نوعاً ما. كانت فترة زمنية غاية في التشابك وذات إيقاع غريب على النصر بالذات.
إن التداخل العجيب بين الصواب والخطأ في مرحلة ما من تاريخ كرة القدم السعودية، أفرزت لنا منطقًا في غاية الغرابة يرتكز على نفعية النادي وتحقيق مصالحه، بغض النظر عما إذا كانت تلك النفعية سليمة أم لا، مع عدم مراعاة حجم الضرر اللاحق بالآخرين. اليوم، يبكي نادي مثل الاتحاد على تلك الأيام ويعتبرها أيامه التي يتمنى أن تعود دون الاعتبار للمعطيات الجديدة، وتتعالى منه أصوات مختبئة ترى أن ميزان العدل غاب وهو أمر لا دقة فيه ولا حقيقة، لكنه الحنين لأيام تشابك الأطراف وتداخلها. لقد ذهبت الأيام بالاتحاد، وحين كان حاضراً لم يرفع أحد شعار الجغرافيا ولم يكن هناك من يجرؤ على الحديث عن الميزان. إن المطالبة بالعودة لزمن كانت له شخوصه ومنهجه وظروفه أمر غير مفهوم تماماً في مرحلة انطلقت معها الأندية نحو التمكين المالي والإداري، ولا أحد تتملّكه رغبة في الشوق أساساً لتلك الحقبة بكل ما فيها. يقف الجميع الآن على أرض صلبة جديدة تُعطي لكل طرف حقه في التشكّل والنمو، ولم يعد أمام أي عنصر سوى الاندماج مع المشروع الجديد لأنه طريقه الوحيد للحياة والبقاء، ولا حديث يدور غير حديث العمل ولا تذمر وتململ إلا في حبال الأصوات المختبئة.