|


فهد عافت
قلم.. ريشة.. إزميل!
2020-01-07
- في كل عمل لمايكل أنجلو لمسة أمومة، رائحة طفولة وانسيابيّة هدهدة!. في منحوتاته موسيقى لها ذيل فرس ناعم له بريق محبّب!.
- على قدر استطاعتي، رحت أتابع أعمال مايكل أنجلو على جهاز الكمبيوتر، وخلاصة ما شعرت به هو ما قلته لكم، فأنا غير متخصص بفن النحت، الحقيقة أنني وبالمعنى الأكاديمي غير متخصص بأي فن!. لا يهم!.
- المهم أن ما سكنني من مشاعر وأحاسيس وفهم، كان بحاجة لمساعدة وتوجيه، وهو ما لقيته برحابة لا مثيل لها في رواية “الحجر الحيّ” لروكوندو. اسمه الكامل: لينور دي روكوندو، ولم أقرأ له غير هذا العمل، ولم أتعرف عليه إلا من خلال هذه الرواية!.
- “الحجر الحيّ” ليست من الروايات التي تمتّعك وتتلذّذ بها وانتهى الأمر. إنها تفعل ما هو أكثر بكثير. تمدّك بطاقة تأمّل جسور، وبفهم لطيف شفيف، يمكن لك استثماره في تناولك لأي عمل إبداعي. إنها كنز حقيقي!.
- تبتكر الرواية حكاية مايكل أنجلو، بملامسة خفيفة كالريشة للتاريخ، تاركةً بقيّة الأمور للخيال الروائي الفطن والمفعم بشاعرية ولا أرقّ!.
- يلزمك أن تكون قريبًا من شاشة جهاز لمراجعة أعمال مايكل أنجلو كلما لزم الأمر وتأمّلها قدر الإمكان، تحديدًا: منحوتة الشفقة :”الرأفة”، ومنحوتة داود!.
- الأطيب.. فيض الرواية، وأن ما يخص مايكل أنجلو يعمّ كل فنّان عبقري، ولسوف تتداعى أمامك أعمال فنيّة وأدبية خارقة من كل نوع ومكان وزمان، تتداخل، يكاد يهشّم بعضها بعضًا، لتخرج بالخفيّ الساحر وراء كل عمل من هذه الأعمال، ولسوف تقترب أكثر من أي وقت مضى من حقيقة الفنّان، وكيف يمكن له إنجاز عمله!.
- يكون هناك موضوع رئيسي لكل عمل إبداعي، موضوع تُعَنْوَن به الأعمال، القصيدة أو اللوحة أو المقطوعة الموسيقية أو المنحوتة أو الرواية أو المسرحية أو الفيلم السينمائي، كأن تقول هذه قصيدة مدح، وهذا فيلم سينمائي يحكي قصة حب!.
- لكن حين تكون هذه القصيدة للمتنبي، أو يكون الفيلم لداود عبدالسيد مثلًا، أي حين يكون العمل لمبدع حقيقي، فإن العنوان الغالب على العمل يخفي وراءه حياة كاملة!. كَوْنًا بأكمله!.
- وفنّ القراءة يكمن في قدرة المتلقّي على الحفر والغوص عميقًا في ثنايا العمل الفنّي، وإلا فإنه سوف يحرم نفسه من المتعة الحقيقية التي يمكن للفن تقديمها له!.
- بعد قراءتك لرواية “الحجر الحي” سوف تتشكك في أن مايكل أنجلو أبدع منحوتاته بناءً على مواضيعها الخارجيّة!. وتتساءل: إلى أي مدى كانت خيانة الفنان للعناوين الكبيرة مسألة ضروريّة للأمانة الفنيّة؟!.
- كل ما سبق للمبدع أن عايشه وتأمّله وأحسّه. كل ما سبق له أن أحبه وكل ما سبق له أن افتقده وحزن عليه، يتجمّع ويُعجن في أي عمل إبداعي يقوم به!. كل عمل فني فخم لا يكون كذلك إلا حين يحتوي على هذه النمنمات الصغيرة والبعيدة والخفيّة!.