|


سعد الدوسري
سوف أحل مكانك
2020-01-11
في فعاليات الترفيه، لاحظنا الحجم الكبير والفاعل لمشاركات الشباب السعوديين، وهي ليست في الجوانب الهامشية، كما يحدث في معظم الشركات والقطاعات التي تتحايل على أنظمة وزارة العمل، بل في الجوانب الأساسية؛ التنظيم والتشغيل والإشراف. ولقد أثبتوا أنهم بحجم المسؤولية وبحجم الرهان عليهم، وأن الادعاءات القديمة بأن الشاب السعودي لا يعمل، وأنه لا يقبل إلا بوظيفة مدير، لم تعد تنطلي علينا اليوم.
إن أهم سؤال يشغل الشاب، في حماسه للقيام بأي عمل يُكلف به، هو:
ـ إلى متى وهذا الأجنبي هو الرئيس؟!
هذا السؤال مشروع، ولا اعتراض عليه. لكنْ هناك أمرٌ يجب أن نضعه في الاعتبار، وهو أن الفعالية الترفيهية جاءت من الخارج ومعها مشغلوها، وعلينا أن نتطلع إلى التدريب والتأهيل، أكثر من أن نتطلع إلى من يرأس من؟! ففي النهاية، ستكون أنت الرئيس، لأنك ابن الوطن، والآخر سيرحل بعد أن تكون مؤهلاً للقيام بالعمل لوحدك. ومثل تلك التجربة ليست جديدة علينا؛ انظر للقطاعات المهمة، مثل قطاع النفط والقطاع الصحي والقطاع الصناعي، لقد تحولت القيادات فيه خلال العقود الماضية، من الأجانب إلى السعوديين، وصار لدينا رموز وطنية عالمية، يشار إليها بالبنان، من اقتصاديين وأطباء وجراحين وباحثين ورجال مال وأعمال وصناعة، بعد أن كانوا على الهامش، تحت ظل الأجنبي لسنوات طويلة.
علينا أن ننظر للجانب المشرق دوماً، حتى إن طغت الصورة القاتمة على المشهد، خاصة في قطاع مثل قطاع التجزئة، كالأسواق والمجمعات التجارية، والذي يظن الكثيرون أنه هو المؤشر الوحيد لعمل الشباب السعودي. هذا غير صحيح، المؤشر هو شركات النفط والصناعات البتروكيماوية والمستشفيات والبنوك. هناك، ستجد تاريخ النقلة الحقيقية للتحول من الأجنبي للسعودي، ابتداءً من المواقع المساندة، وصولاً للمواقع القيادية؛ قادة حقيقيون لا يقلون بكفاءتهم عن القادة الأجانب، بل يتفوقون عليهم، لأن الأرض أرضهم.
روى لي أحد الزملاء قصة عن مدير أجنبي، كان يدير قطاعاً مهماً في أحد أشهر المستشفيات في الرياض. كان يرغب في تعيين مساعد إداري له، من الكفاءات السعودية. وفي مقابلاته الشخصية مع المترشحين، كان يسأل كل واحد منهم:
ـ لماذا أنت هنا؟!
تراوحت الإجابات بين الطموحة والزاهدة. الوحيد الذي حصل على الوظيفة، هو من أجاب:
ـ أنا هنا، لكي أحل مكانك.
وخلال أقل من خمس سنوات، حلَّ فعلاً مكانه.