|


أحمد الحامد⁩
الدلفين صديقي
2020-01-12
كلما تقدم الإنسان في العلم، ظنَّ بعضهم أن الإنسان وصل إلى منتهى التطور. تقلع الطائرة اليوم في رحلة متواصلة من مطار تكساس في أمريكا إلى سيدني في أستراليا، تقطع خلالها أكثر من 13 ألف كيلومتر.
لا شك أن هذا تطور إنساني عظيم، والواقع يشير إلى أن الأرقام القياسية التي يحققها الإنسان اليوم، ستكون أرقامًا متخلِّفةً بعد عشرات السنين مثلما أصبحت الأرقام التي حققتها رحلات الطيران الأولى. لكن كل هذا التطور، يقف عاجزًا أمام خلق الله عز وجل، فالعصافير الصغيرة التي لا يتجاوز حجمها سنتيمترات عدة، تهاجر كل موسم منذ ملايين السنين مسافات، تفوق رحلة تكساس إلى سيدني. كنت أظنُّ الإنسان وحده يعيش ضمن جماعات لها أعرافها وتقاليدها، لكن عندما قرأت عن الغراب، الذي كنت لا أحبه دون سبب معيَّن، تغيَّر تفكيري عنه تمامًا، إذ علمت أن هذا الطائر يعيش ضمن جماعات لها أنظمتها وأخلاقها وأعرافها المحترمة، منذ ذلك الحين وأنا أحب الغراب تحت شعر “الطيور مخابر وليس مظاهر”. زاد إعجابي أيضًا بالدلفين ذي الوجه الذي تبدو عليه الابتسامة الدائمة عندما قرأت دراسة جديدة، تقول إن الدلافين تعيش في جماعات من 10 إلى 12 فردًا من أجل حماية بعضها بعضًا، وأنها تعيش في مجموعات اجتماعية متماسكة، ولا تترك الدلفين المريض، وتكيِّف نفسها على حالته الصحية، ولا تفارقه حتى يموت، والدلافين تتعاون مع الأنواع الأخرى من الدلافين، وتتحدث مع بعضها بعضًا، ولها لهجات إقليمية. الباحثة سوزان شولتز في جامعة مانشستر، ذكرت في دراسة، نشرتها “سكاي نيوز”، أن الدلافين تلقي التحية على بعضها، وتستخدم الأسماء أثناء مناداتها بعضها. أعتقد أنها تلقي التحية على بعضها دائمًا وفي كل الأحوال. أعرف بشرًا لم يُلقوا التحية على بعضهم منذ سنوات طويلة على الرغم من أنهم بشرٌ مؤمنون، بل وأعرف أشقاء لم يُلقوا التحية على بعضهم، ولم يجمعهم سوى تقبُّل العزاء في والدهم، أو والدتهم! الدلافين 40 نوعًا، يعيش بعضها في المياه الحلوة التي تشبه صفاتها. قرأت مرات عدة أن دلفينًا أنقذ إنسانًا يغرق، أو أصيب بجرح، في المقابل، شاهدت الإنسان وهو يصطاد الدلفين ليأخذه من جماعته وحياته، ويضعه في قفص مائي، ثم يعلِّمه القفز داخل دوائر بلاستيكية ليجمع بعض المال من قفزات الدلفين التي يؤديها أمام جمهور، يظنُّ أنه العاقل الوحيد على وجه الأرض!