|


سعد الدوسري
سناب الوعي
2020-01-14
منذ ظهور تطبيق سناب شات في سبتمبر 2011، وشباب العالم لا تمر عليهم ساعة، إلا وقد فتحوا التطبيق ليتابعوا المقاطع التي يعتبر معظم المتابعين أنها سطحية وتافهة، لكنهم في نفس الوقت يحرصون على أن تكون مشاهدتها من أولوياتهم، كل يوم.
لا يعرف أحد السر الغامض، وراء شهرة هذا “السنابي” أو تلك “السنابية”، على الرغم من أن ما يقدمه كل منهما في حسابه، مجرد مواد شخصية ضحلة، بل أحياناً مستفزة، تمس القيم والأخلاق. والأمر لا يقتصر على الشهرة فحسب، بل إن المعلنين يتسابقون على هؤلاء سباقاً محموماً، لنجدهم يروجون للمطاعم والأزياء والبنوك والمستشفيات وحتى الدوائر الحكومية للأسف. وصار من النادر أن يبرز لدينا سنابي من ذوي الطرح الإيجابي، لأنه مع الوقت سوف يغلق دكانه، ليس لعدم التفرغ، ولكن لعدم وجود زبائن، ويجدر بأي منكم، أن يسأل:
-كيف نقضي على مشاهير سناب، الذين يشوهون وسائل التواصل بمحتواهم الرديء؟! هل عدم متابعتنا لهم هو الحل؟! أليس هناك من يدعم وجودهم واستمرارهم، لكي يسطّح عقول الشباب ويدمر وعيهم ويجعل اهتماماتهم منصبّة على القشور، وبالتالي يبعدهم عن الجوهر الحضاري والتنموي، ويعزلهم عن متابعة ما هو أهم، مثل التحولات الوطنية التي يعيشها وطنه؟!
لا أحد سيجبر أحداً على اتخاذ أي قرار. لقد انتهى زمن الوصاية والتلقين والسيطرة على الأذهان والأفكار. نحن في عصر الاستقلالية في الرأي، سواء أعجب الآخرين أو لم يعجبهم. سيكون من حق كل شاب أن يختار مَنْ يتابعه، طالما أن يعبّر عنه ويعكس اهتماماته. أما الشهرة والمال والنجاح، فمرهونة بعوامل الجهد والحظ وظروف المجتمع. ليس بإمكاننا أن نمنع النجومية والثراء عمن لا يستحق. بإمكاننا فقط أن نؤمن بأن الوعي ليس سلعة في المتجر الإلكتروني. إنه تراكم معرفي يحتاج إلى جهد وبحث. ثم إن الشاب الواعي يختلف عن الشاب السطحي، ليس في حجم الثقافة ومدى الثقة بالنفس، بل حتى في الكفاءة ومواجهة المواقف وتسجيل الحضور. هناك فارق كبير وواضح في ردود الأفعال اليومية بين من يملك المخزون المعرفي وبين من يستند على تراث العادات والتقاليد وتنشئة الأسرة. أخطر ما أفرزته وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “السناب تشات”، أنها حوّلت العفوي السطحي إلى قيمة راقية، يتسابق لمشاهدتها الجميع، ويعتبرونها الأجدر بالمتابعة. وهذا خلق وسيخلق ضحايا محزنة، على مستوى الوعي.