|


سعد الدوسري
حلم مسامير
2020-01-15
تمتد علاقتي مع رسام الكارتون الشهير عبد العزيز المزيني إلى بداياته الصحفية الأولى. وقبل 3 سنوات، التقيت به في مكتبه في استوديو “ميركوت”، وكان الحديث عن أحلام أول فيلم كارتون سعودي. وها هي الأحلام تتحقق. ها هو عبد العزيز مع رفيقه المخرج مالك نجر، يخوضان التجربة بكل اقتدار، ويقدمان فيلماً سينمائياً سعودياً جماهيرياً، يدخل صالات العرض المحلية والعربية، وينجح في أسبوعه الأول، بشكل تنافسي لافت، حاصداً إيرادات عالية.
لماذا نجح فيلم “مسامير”هذا النجاح؟!
الصدفة والحظ لا علاقة لهما بالمشاريع الفنية المؤسسة تأسيساً احترافياً حقيقياً. هناك من يعمل برؤية واضحة، وبجدول زمني، وبقراءة واقعية للمعطيات والمتطلبات والتحولات. القضية ليست عاطفية، هناك استوديو يعمل تحت سقفه رسامون ومحركون ومخرجون وكتاب ومنتجون ومسوقون. كل هؤلاء يحملون على عاتقهم هموماً تؤرقهم باتجاه نجاح المشروع، وتحويله من حلم إلى حقيقة، تجذب المشاهدين والرعاة وشركات تسويق الأفلام.
لقد عمل فريق فيلم مسامير طويلاً، لتأسيس الأرضية الخام في قلوب الجمهور. سلسلة طويلة من “مسامير”، كانت هي مفتاح النجاح اليوم. ففي الوقت الذي كان الجميع يصوبون كل اهتمامهم على التجارب السينمائية المهرجانية النخبوية، كان المزيني ونجر يقدمان سلسلة شعبية، تناقش قضايا الشباب، بشكل شعبي ساخر.
وكانا في نفس الوقت يهيئان نفسيهما وفريقهما، منذ أكثر من سنتين، لدخول غمار التجربة السينمائية الطويلة الأولى. وهاهما ينجحان نجاحاً منقطع النظير، ولا يمكن لمن وقف على استعداداتهما وإمكانياتهما، إلا أن يتوقع لهما النجاح. فحجم الاحترافية في العمل عالية إلى درجة تجعلك تؤمن بأنك أمام فريق يدرك تماماً ماذا يعمل، وإلى أين يتجه.
نحن دائماً نبحث عن أيقونات نجاح عالمية، لكي نستلهم منها الدروس الأساسية التي تقودنا للنجاح. وأظن أن تجربة فيلم مسامير، يجب أن تكون أيقونة محلية، تقدم لصناع الأفلام الشباب الخطوات الرئيسة للنجاح، خاصة أنهم في غمار تحد لا يقبل أنصاف الحلول؛ إما أن تقدم فيلماً ناجحاً بمقاييس الجذب الجماهيري، حسب شروط شباك التذاكر، وإما فلا. وهذا لا يعني أننا نطالب الصناّع بتقديم محتوى مشابه لفيلم مسامير، بل بآلية إنتاج احترافية عالية مثل الآليات التي استخدمت فيه. وبدون هذه الآليات، لن يتحقق النجاح. ستكون التجارب باهتة، وسيخسر أصحابها الجهد والمال واختبار المواجهة مع الجمهور.
لقد نجح اختبارنا الأول، على الرغم من أن الغالبية كانت تتوقع الخسارة. وهذا فتح يُسجلُ بلا شك لفريق فيلم مسامير. لقد وضعوا الخطوة الأولى على الطريق الشائك، بكل جرأة وثقة، وما على البقية سوى المضي في نفس الطريق.