|


فهد عافت
تخمة في الإطراء والازدراء!
2020-01-20
-أكتب، وأنشر، وتصلني ردود وتعليقات. وأعترف: تخطّيت السّنّ الذي يمكن للمرء معه أن يطير بالإطراء!.
-الكلمات الطّيّبة تُسعد، هذا ممّا لا شكّ فيه، لكنني بصراحة أُتْخِمْتُ بمثل هذه الكلمات بالقدر نفسه الذي أُتْخِمْتُ فيه بكلمات الانتقاص والتهكّم والازدراء!.
-لا أدري، لكنني لا أظن أن لهذا الأمر، وهذا الإحساس المتبلّد!، علاقة بالغرور ولا بالتواضع، بقدر ما له علاقة بالزمن!.
-لكم أن تتخيّلوا رجلًا يكتب وينشر لأكثر من ثلاثين سنة، لم ينقطع عن ذلك إلا أيامًا معدودات، هي تلك الأيام التي يترك فيه مطبوعةً، أو تستغني عن خدماته مطبوعة، فينتقل إلى مطبوعة!.
-ثمّ جاءت عوالم التواصل، والأكوان الافتراضيّة، وأنتم أدرى بها منّي على ما أظن!.
-لقد سمعتُ كلمات مثل: مبدع، جميل، رائع، مدهش..، بالقدر الذي سمعتُ فيه: عادي، قبيح، مُستهجَن، سيّئ..!. سمعت: متواضع بسيط، بالقَدْر الذي سمعت فيه: مغرور معقّد!.
-فإنْ لم تكن هذه بقدْر تلك، فإن بإمكاني تقديم سبب لإحساسي بتساويهما:
إن كانت الكلمات الّليّنة أقلّ، فقد كثُرَتْ في داخلي وكَبُرَتْ لأنّ عددًا ممّن قالوها كانوا كبارًا في القيمة، وإنْ كانتْ الكلمات القاسية هي التي أقلّ، فقد تكاثَرَتْ في داخلي لصعوبة نسيان الإهانة!.
-إنّ أفضل ما أراه في نفسي، هو أنني أتحسّن يومًا بعد يوم، أتعلّم، وأسعى جاهدًا لأن أكون إنسانًا أرقى من اليوم السابق، أخفق وأنجح، لكنني أسير في هذا الطريق، وهو رهان خصب وممتع!.
-فإن قلتُ إن نسيان الإساءات والشعور بالإهانة لا يزال صعبًا، وعليّ عبوره بأدوات أكثر فاعلية وبوعي أعلى وفهم أكرم، إلا أنني بالفعل “وهذا نجاح مُعتبر” تمكّنت من مسامحة الجميع، ومَن لم أقدر على مسامحته تمكّنتُ من نسيانه!.
-لكن الإساءات. وحتى لو تمكّنّا من نسيان أصحابها، بل حتى لو تمكّنا من نسيانها بالشكل الحرفي الذي حدثت فيه، فإنه يصعب نسيان أثرها!.
-والخلاصة يا أحبّة، أن أكثر ما يطربني، وينعشني، لم يعد يتعلّق بالردود الواصفة، ولا بالتعليقات الحاكمة!. لكنه يتعلّق بالتفاعلات المثرية، بالإضافة الطيبة أو بالملاحظة النبيهة. بردود الأفعال التي هي في حقيقتها أفعال على شكل ردود!.
-قفلة:
“ أنا الذّابِلْ ما بين الميكرفون ورغبة الجمهور..
عشان احيا مثل ما لازم احيا داخل اوراقي!
تضاريسي هي المستقبل المتواضع المغرور..
رفضت اخذل دمِي لو مرّةٍ وانحزت لاخلاقي!“.