|


سعد الدوسري
أفلام بلا أب
2020-01-21
أسهمت السينما المصرية، مثلها مثل السينما الأمريكية والهندية، في الترويج للقيم والثقافة واللغة، بل حتى اللهجة، لكونها مشروعًا عابرًا للحواجز، تعتمد عليه بعض الدول اعتماداً أساسياً للتواصل مع شعوب الدول الأخرى، ولتكريس خطاباتها السياسية والفكرية، وبالتالي فهي قوة ناعمة مؤثرة جداً، ترفع من صيت الدول والشعوب، وتمرر كل رسائلها.
في السعودية، افتتحتْ أولُ دار عرض سينمائية تجارية في 18 إبريل 2018. وكان الجمهور السعودي في الستينيات يشاهد السينما عبر صالات الأندية الرياضية، ثم مع بداية “الصحوة” عام 1979، لم تعد هناك عروض للأفلام. وعلى الرغم من ذلك، واصل الفنانون المهتمون بصناعة الأفلام إنتاجهم للمشاريع القصيرة، وشاركوا بها في مهرجانات عربية وعالمية، وحقق العديد منهم جوائز تقديرية، ما شجع الشباب على تأسيس “مهرجان الأفلام السعودية”، وكانت الدورة الأولى له في المنطقة الشرقية، خلال شهر مارس 2008، تحت مظلة فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام. وواجه هذا المهرجان ضغوطات لا حصر لها، إلا أن القائمين عليه، والمشاركين والمشاركات في مسابقاته، واجهوا كل الضغوطات بشجاعة استثنائية، واستمروا دورةً بعد دورة، حتى الدورة الخامسة. وها نحن اليوم، أمام مشاريع فيلمية طويلة، شاهدها الجمهور السعودي في صالات العرض التجارية، من ضمنها “رولم” و”وُلدَ ملكاً” و”مسامير”، وسيظل يشاهد المزيد منها في المستقبل، وسيطلع على مختلف التجارب التي ترصد المعاناة الشخصية لصنّاع الفيلم، أو معاناة المجتمع ككل. وسيأتي وقت ينافس فيه الفيلم السعودي أفلام الدول الأخرى، وسينقل صورة الفرد والمجتمع إلى العالم كله، أكثر مما ينقله أي فن آخر. وسيحتاج أكثر ما يحتاج، إلى تفهم المؤسسات الرسمية والأهلية لدوره المهم في نقل ثقافتنا وخطابنا التنموي المتسامح والمتعايش مع الآخر. وسأقولها بوضوح، حين نفهم أن الفيلم بمقدوره أن يفعل ذلك وأكثر من ذلك، يجب ألا نتركه وحيداً!
اليوم، هناك مجموعة من المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني، ممن تأخذ على عاتقها دعم صناعة الأفلام، على رأسها وزارة الثقافة، وهيئة الإعلام المرئي والمسموع، والمجلس السعودي للأفلام وجمعية الثقافة والفنون، وأستطيع أن أقول إن كل مؤسسة في المملكة صارت تتسابق لدعم هذا المجال، من وزارة التعليم حتى مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، فهل هذا صحي؟! ربما يكون كذلك في مرحلة من المراحل، لكن بعد ذلك، سيجد الفيلم السعودي نفسه بلا أب شرعي!! سيجد نفسه هيكلاً عظمياً، دون لحم ودم، دون تمويل.