|


سعد الدوسري
هؤلاء القتلة
2020-01-25
كشف لي حديثٌ جمعني مع شاب عشريني في محل تظليل زجاج سيارات بمدينة الرياض، أن هناك ميلاً شديداً لدى شريحة من الشباب لارتكاب المخالفات المرورية، بهدف المباهاة في أوساط الزملاء والأصدقاء. قال لي الشاب، وأقسم على ذلك، بأن مخالفاته بلغت 35 ألف ريال، خلال فترة لا تتجاوز أشهراً معدودة، ولذلك فهو يظلّل زجاج سيارته الآن بطريقة تخالف أنظمة المرور.
وعن سؤالي له عمن سيدفع المخالفات، أجاب: لن يدفعها أحد. وأضاف: حتى الوالد مخالفاته مثل مخالفاتي، أي أن المسألة متأصلة وراثياً!! أو أن هناك ثقافة ما، في أوساط اجتماعية ما، تميل بشكل جماعي إلى الاستهتار بأنظمة الدولة، على اعتبار أنها موجهة لغيرهم، وليست لهم.
الأنظمة لن تفرق بين هذا الشاب ووالده، وبين أي مخالف آخر. كلهم سيدفعون المخالفات صاغرين، وإلا ستوقف النيابة العامة خدماتهم، وستحكم عليم بالسجن. هذا لا يختلف عليه اثنان. ما سنختلف عليه، هو السبب الذي جعل مثل هذا الشاب، يتعمّد ارتكاب المخالفات التي تشكّل خطراً على حياته وحياه الآخرين، كتجاوز السرعة بنسبة 50% أو كتجاوز الإشارة الضوئية الحمراء؟! هل هذا التهور والاستهتار، نابعان من ثقافة المجتمع الذي عاش فيه، والنشأة التي نشأها؟! ألا تردعه تعاليم الدين التي تشرّبها منذ طفولته، والتي تحرّم قتل النفس وإيقاع الأذى بالآخرين؟! كيف يمكن القضاء على ذلك النمط من التفكير لدى أولئك الشباب، طالما أنهم لا يهابون شيئاً ولا يأبهون بشيء؟! كيف نجعل صورتهم كوحوش بشرية غائبة عن الوعي، تصل لهم؟! كيف ننزع عن مخيلتهم أن الشوارع والطرقات ليست ملكاً لهم، يعبثون فيهاكما يحلو لهم، ليؤدي هذا العبث إلى مقتل الأبرياء أو إعاقتهم مدى الحياة؟!
أظن أن العمل الجاد من قبل الإدارة العامة للمرور كفيل بالقضاء على هذه الظاهرة، كأن تكون هناك وسائل تقنية لمراقبة المخالفات غير المسددة، بحيث لا تزيد على ثلاث مخالفات. بعدها، يتم استدعاء المخالف أو الإبلاغ عن سيارته، ثم لا يُسمح له بالقيادة حتى يسدد رصيده. كما أن عقوبة تجاوز الإشارة الضوئية الحمراء، يجب أن تكون في الحال، بالسجن قبل الغرامة، وكذلك الأمر بالنسبة للتهور الشديد في السرعة. هؤلاء في حكم القتلة! لن يكون كافياً أن تصدر المخالفات لهم، يجب أن تكون هناك مراقبة وتحليل إلكتروني لها.