|


طلال الحمود
ملوخية إبليس
2020-01-25
تحولت وسائل التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة إلى منصة لاختبار فعالية الأنظمة والقوانين ومحاولة تحييدها من خلال ممارسات مسيئة، تستهدف أفراداً وجماعات وبعضها يسعى للنيل من القيم الاجتماعية أو استفزاز المحيطين بطريقة عبثية تسيء إلى المقدسات نثراً وشعراً وطرباً وبشتى الطرق، تحت مفهوم الحرية الشخصية.
مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ظن بعض الناس أن تواجده في هذه المواقع يعني ممارسة الحرية المطلقة بتوجيه الإساءات والسب والقذف، وأيضاً تصدير البذاءات وخدش الحياء بما يكفي لإظهار أغلب الأمراض الاجتماعية والانحرافات الأخلاقية المستترة، ولا يبدو الأمر مفاجأة لأن من مستخدمي وسائل التواصل أشخاص يعانون عشرات العلل النفسية ذات العيار الثقيل، فضلاً عن فاقدي الأهلية وصغار السن وبعض المتطوعين من الخارج لتشويه سمعة المجتمع.
وبعد سلسلة من التشريعات التي جرّمت استخدام منصات التواصل الاجتماعي في الإساءة للغير، بدأت هذه الظاهرة تتراجع ولكن بنسبة لم تنهِ حتى الآن الإساءات التي كان آخرها ظهور شاب يدعى “إبليس” في مواقع التواصل بهيئة غريبة على طريقة عبدة الشيطان، مردداً عبارات فيها استهزاء بالذات الإلهية واستهتار بمعتقدات المجتمع بطريقة مستفزة، ومع أن هذا التصرف سيقود “إبليس” إلى مبنى النيابة العامة لمواجهة التهم الموجهة إليه، إلا أن هذا لا يعني عدم ظهور إبليس جديد، وغالباً يعود السبب في استمرار هذه الظاهرة إلى المتطوعين الدائمين في كل مناسبة للدفاع عن المسيئين، بحجة أن محاسبة “إبليس” تعتبر تعدياً على الحريات.
وتكمن المشكلة غالباً في تدخلات محامي الشيطان الذي يحاول تبرير الأفعال الشنيعة وتحسين صورة هذا المسيء بداعي أن تصرفه جاء من باب الإبداع وكسر القالب، وأن المجتمع اعتاد على محاربة المبدعين، وهؤلاء المدافعون عن “إبليس” لا يقلون اعتلالاً نفسياً بدليل تعاطفهم الدائم مع العبثية وعدم التفريق بين الإبداع والفوضى، وهم امتداد لجيل كان يرى في عبثية بعض البوهيميين العرب طريقة مثلى للتعامل مع الكون، قبل أن تبرهن الأيام أنهم كانوا يسيرون وراء طابور من المهرطقين.
سيواجه إبليس الجديد “صباح الملوخية” الذي بشر به مريدوه، وسيخرج غالباً من مبنى النيابة ناسكاً بعدما يواجه عقوبة العبث والإساءة لمجتمع بأكمله، في انتظار أن يتم تحييد من يستغلون أزمة هذا الشاب لترويج مفهومهم للحرية وممارسة بوهيميتهم نحو المجتمع بطريقة لا يمكن إيقافها إلا بتجريم تعاطفهم مع هذا الإبليس وغيره من المسيئين.