|




أحمد الحامد⁩
أغنية المونولوج
2020-02-02
في الثمانينيات الميلادية، وفي كل مرة، كان فيها التلفزيون يبث أغنية “قال جاني بعد يومين”، كنت أقف مشدودًا لكل ما في الأغنية. تبدأ الموسيقى، التي ألَّفها جمال سلامة، بالاشتعال كما تشتعل النار... صغيرة ثم تكبر وتكبر. الفنانة الشابة سميرة سعيد، تقف وسط مسرح التصوير، تتفاعل مع الأغنية التي تؤديها وكأنها قطعة منها:
قال جاني بعد يومين
يبكي لي بدمع العين
يشكي من حب جديد
يحكي وأنا ناري تقيد
وسمعته وقلبي شريد
وسكت وقلبي شهيد
في الأمس لم أكن أصدق بأنني أستمع إلى الأغنية، التي قدمتها سميرة سعيد قبل عام من الآن بعنوان “سوبر مان”. استمعت إليها صدفةً، لم تكن تقدم أغنيةً، بل مونولوجًا غنائيًّا، يشبه المونولوجات التي كان يؤديها أصحابها في فواصل المهرجانات وقبل انطلاق الحفلات الفنية الكبرى. لست ضد المونولوج، فهو فنٌّ حقيقي، لكنَّ سميرة بإمكاناتها الصوتية الكبيرة، ليست فنانة مونولوج. هذا المونولوج، يمكن أن يقدمه أي مؤدٍ، فهو لا يحتاج إلى جمال الصوت، بل إلى الأداء فقط، كون المراد توصيله هو الفكرة والرسالة، التي عادةً ما تكون رسالةً توعوية، أو اجتماعية. أنا لا أطالب بوقف تطور الأغنية، ولا إبقاء الذوق الفني على حاله دون تغيير، أو تطور، فكل زمن له مزاجه، لكنني أطالب بالحفاظ على الأغنية نفسها، بألَّا تصبح هي والمونولوج سواءً، بألَّا يُقارن المغني بصوته الجميل بالمونولوج الذي يقدمه نفسه على أنه مطرب في زمن الأغنية اليوم. لن أنقل لكم كل كلمات أغنية “سوبرمان” التي قدمتها صاحبة “قال جاني بعد يومين”. يكفي أن أنقل لكم بعض كلماتها حتى نعرف بأن سميرة في زمن صعب جدًّا:
بقى بارد جدًّا بقى دمه تقيل
بقى ندل قوي وطماع وبخيل
البيه اللي عامل إنه مؤدب وجميل
بيجيلي مدروخ نص الليل!
بقى كسلان ومأنتخ
وكرشه قصاده شبرين
قاعد يا إما هنا يا إما هناك
بقى منكوش ومبهدل
شخص كئيب وحزين
نكدي وسلبي وعصبي وشكاك!
قبل سنوات، غنَّى ماجد المهندس أغنية، ردَّد فيها أسماءَ فتياتٍ لعلَّ وعسى أن يكون اسم الفتاة ضمن هذه الأسماء، فتلفَّتت إلى المنادي، شاعر الأغنية شاعر كبير، والمهندس كذلك، لكنها كانت مونولوجًا، وحُسِبت علينا أغنيةً!