|


سعد الدوسري
ماراثون بدعم الملك
2020-02-10
لا يختلف الكثيرون على نقاء محمد النويصر، لا أظن ذلك. حتى الذين يختلفون معه، لديهم مساحة ضيقة من الخلاف، كونه يضع للآخر اعتبارات تليق به، وإن كان لا يميل له ولا يتفق مع توجهاته. منذ اليوم الأول الذي جمعني معه، شعرت بهذا الشعور. كنت أبحث عام 1990 عن ناد رياضي يؤمن بفكرتي، وهي فكرة لتوعية المجتمع بقبول مبدأ التبرع بالأعضاء بعد الوفاة الدماغية. أي أن يقتنع الأهل بالتبرع بقلب وكبد وبنكرياس وكلى المتوفى في حادث، والذي لا تزال أعضاؤه حية بواسطة أجهزة إنعاش العناية المركزة، للمحتاجين من مرضى الفشل القلبي والكبدي والكلوي.
كان النادي الجماهيري الأول آنذاك هو الهلال ثم النصر ثم الشباب. ولأن محمد النويصر كان يفتح أبواب نادي الشباب للمبادرات المسرحية والشعرية، بدعم من الرئيس محمد جمعة الحربي، فلقد ولجت من خلاله لتوفير الغطاء الرياضي لتحقيق تلك الفكرة. أما الغطاء الرسمي، فلقد حققه أمير منطقة الرياض في ذلك التاريخ، الملك سلمان، إذ أهداني خطاباً لكل المؤسسات الحكومية والأهلية لدعم مشروعي.
عبر مستشفى الملك فيصل التخصصي، الذي أمثله، وعبر نادي الشباب، الذي يمثله محمد النويصر، وباسم الملك، ثم الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ـ رحمه الله، أقمنا أهم مشروع رياضي تثقيفي صحي في تاريخ المملكة العربية السعودية؛ ماراثون شارك به أبطال المملكة و1200 شاب، لمسافة 42 كم، وبلغت جوائزه ذلك الحين، مليوناً ومئتي ألف ريال، وكانت الجائزة الأولى فيه سيارة جاغوار، والجائزة الثانية سيارة مرسيدس، وكلها ذهبت لأبطال المملكة لسباق المسافات الطويلة، مع سيارة تم السحب عليها من قبل الفنان راشد الشمراني لغير الفائزين. وربما لم يحظَ مشروعٌ تثقيفي صحي بمثل ما حظي به هذا الماراثون من تغطيات إعلامية، صحفياً وتلفزيونياً وإذاعياً، أيام لم تكن هناك إنترنت ولا وسائل تواصل اجتماعي. لقد ظلّ موضوع التبرع بالأعضاء بعد الوفاة الدماغية، بعد هذا الحدث، حديثَ الناس لفترة طويلة، مثيراً جدلاً ولغطاً كبيرين، ولا يزال حتى الآن، وبسببه كسبنا متبرعين وخسرنا متبرعين، إذ يظن كثيرون أن ليس من حق أحد التبرع بأعضاء المتوفى نيابة عنه، حتى وإن كان تبرعه سينقذ حياة إخوان وأخوات له، يهددهم الموت الحتمي.
تخيلوا، لو قابلت أمامي مسؤولاً رياضياً يقول لي: ما علاقتنا بالمتوفين دماغياً؟! كيف كان لي أن أبدأ أول مشروع توعية بالتبرع بالأعضاء؟!