|


سعد المهدي
من هو المشجع؟
2020-02-12
كيف يفكر المشجع؟ سؤال واحد له ألف إجابة، فهل يستند في الأصل إلى بيئته، قيمه، تربيته أم وعيه وثقافته وفهمه بما يرتبط به من حالة عاطفية مع ناديه؟ أم جميعها أم بعضها أم لا شيء منها؟
هل يشجع ناديه تقليدًا أم قناعة، وما هو حجم الولاء ودوافع التضحية؟ وهل صحيح أنه لدى البعض حالة عبث والبعض الآخر اضطراب، أم لجوء لجموع هروبًا من خوف داخلي؟ ولماذا وصلت في بعضها إلى هوية بديلة؟ هل كل ذلك طبيعي أم يحمل في طياته مخاطر وبالتالي يحتاج إلى عين رقيب.
من هو المشجع؟ من يجلس على المدرج أم من هو خلف الشاشات يتفرج؟ من يتسلى ويرفه عن نفسه أم من يتألم ويعاني؟ من يعشق ناديه حد الجنون أم من يبغض منافسيه ويكره من يتفوقون عليه؟ من يلتمس لناديه عند التقصير الأعذار أم من يجدها فرصة للتعبير عن كم الانتقادات الساخرة والتعليقات السيئة.
التشجيع انتماء وولاء يبدأ برغبة استكمال الشخصية، ويستمر باستثماره كعلاج نفسي. أن تحب كرة القدم يعني أن من رمى لك شباك العشق اصطادك دون أن تمنح لنفسك فرصة تقليب الأمور واختيار الأفضل. من ذلك نصف معاناتك يأتي بسبب سوء اختيارك لعشقك وجل حروبك على من ترى أنه كان عليك أن تختاره.
إدواردو جاليانو صاحب كرة القدم في الشمس والظل يقول عن المشجع الذي على المدرج إنه يلوح بالمنديل يبتلع سمًا، يأكل قبعته، يهمس بالدعاء واللعنات ثم يمزق حنجرته فجأة بهتاف مدوٍ. فنادرًا ما يقول المشجع “اليوم سيلعب نادي” إنه عادة يقول “اليوم سنلعب نحن”، يبكي عند الهزيمة ويقول لقد غشونا مرة أخرى يا للحكم اللص. وعندما تذهب الشمس ويذهب المشجع تسقط الظلال على الملعب ويبقى خاويًا ويرجع المشجع إلى وحدته، إلا الأنا التي كانت نحن، يبتعد يتفتت يضيع.
وأقول أنا ليس هناك أصعب من الاعتقاد بأمر يقف بينك وما يجري، إذا أردت أن تكون محايدًا في تشجيعك هذا يعني أنك لم تعد مشجعًا، وإن أردت أن تصبح موضوعيًا عليك اختيار حالة غير التشجيع، من على المدرج ستتشرب معنى المناصرة سينقسم المستطيل الأخضر إلى ملائكة وشياطين، تهتف من أعماقك ولا تحاول السيطرة على مشاعرك، ستعد ذلك خيانة لولائك، لكن ما علاقة ذلك بما يسمى بالتعصب وما مصير حملات محاربته... للموضوع صلة