|


سعد الدوسري
الفضائح: عنف أخلاقي
2020-02-22
عندما يصلك مقطعُ فيديو فضائحي لفتاة أو لشاب، فلماذا تبتهج بإعادة إرساله لكل القوائم الموجودة لديك؟! أنت تعرف أنه يفضح هذا الشخص، وأنك تساهم في فضحه أكثر وأكثر، وتعلم أيضاً أن غيرك تكفل بهذه المهمة التي تتطوع أنت للقيام بها، بكل سعادة وانتشاء.
إنَّ ارتباط الإنسان بقضية الفضيحة، قديم قدم الزمان وقدم المكان، على الرغم من أن كل الأديان حثت على الستر، ورفعتْ منزلة من يستر على أخيه أو أخته. وهذه ليست الصفة الوحيدة التي يتجاهلها المتدينون، أو المنتسبون للأديان، فهناك صفات عديدة يحثون عليها نهاراً، ويمارسون عكسها ليلاً. ومهما بحثنا في كتب علم النفس والاجتماع عن تفسير لهذه الظاهرة، فلن نجد، لأنها متعلقة بأعماق شخصية الفرد، ولن يستطيع طبيب أو باحث اجتماع أن يسبر أغوارها، ليخبرنا من أين نشأ هذا التناقض، وهل هو وراثي أو مكتسب بالعدوى الاجتماعية مثل الأمراض السارية. ولو افترضنا أنه وراثي، فمن أي عرق نما، وإلى أي جد يصل؟! كل هذه الأسئلة الحارقة للقلب، مردها انتشار الهوس بالأخبار والصور والمقاطع الفضائحية والتهكمية والمسيئة للأشخاص الذين يستحق بعضهم الستر، وبعضهم الشفقة، وبعضهم الاحترام. وقد لا يحضرنا الآن أي نصيحة ننصح بها محبي هذا الهوس، سوى القول التقليدي:
- ضع نفسك مكان هذا الشاب. ضع أختك مكان تلك الشابة. ماذا لو كان ذلك الرجل أباك؟!
ثقافة الستر واحترام خصوصية الآخرين لن تنتشر بهذه السذاجة. إنها نتاج عمل دؤوب من قبل المؤسسات الرسمية، كالتعليم والثقافة والإعلام، والمؤسسات العدلية والقضائية والأمنية. في الغرب، هناك صحف فضائح صفراء، تباع في الأسواق، لكنها لا تتجاوز الخطوط الحمراء، وإن فعلت ذلك، فهناك محاكم وتعويضات تصل لملايين الدولارات. الجميع يعي ذلك ويدركه. وهذا ما يجب أن يعيه شبابنا ويدركوه. يجب أن يتعلموا في الفصول الدراسية احترام الآخرين، سواءً في الشارع أو عبر وسائل التواصل الرقمية، وأن إعادة إرسال رسالة تفضح شخصاً ما أو تمس عرضه أو كرامته، تعرضهم للعقوبة الصارمة، بحجم عقوبة من قام بإنشاء الرسالة. أنا هنا أركز على رسائل تطبيق الواتس أكثر من التطبيقات الأخرى الخاضعة لأنظمة الدولة. وبهذه الآليات، قد نسهم في تقليل حدة هذه الظواهر التي نشرت العنفَ الأخلاقي تجاه الآخرين في أوساط الشباب.