|


سعد الدوسري
شهود الوزارة
2020-02-26
المحظوظون فقط، هم من يتاح لهم التواجد في المواقع التي يمر بها التاريخ على مهل، وليس على عجل. وربما أكون أحد هؤلاء! ففي تجربتي مع الكتابة الصحفية، عشت الصراعات المتقدة بين المجددين والمحافظين، منذ صحيفة “جامعة الرياض”عام 1976، سواءً في كليتي الأولى”الطب” أو في “الأدب الإنجليزي”.
وحين راسلتُ كمتعاون جريدة َ”المدينة”، وكانت في أقصى توهجها عام 1978، رشحني رئيس التحرير “أحمد محمد محمود” لأكون مدير مكتبها في الرياض، وأنا لم أتخرج من الجامعة بعد. ثم ما بين 1980 و1983، أعددتُ الصفحة الثقافية لجريدة “الجزيرة”، فترة اشتعال تيار الحداثة إلى أن نشر رئيس التحرير المشاغب “خالد المالك”، قصيدة “غازي القصيبي” الشهيرة، وصار بعدها ما صار. بعد ذلك، بزغ نجم مجلة “اليمامة”، ووجدتني فيها، مع نجوم الصحافة الجديدة، الذين أوصلوا المجلة إلى رقم التوزيع الأول. ومنها إلى جريدة “الحياة”، حين صارت سعودية. وأخيراً، عودة إلى المستقر، إلى الرياض، بدعوة من رئيس تحريرها الاستثنائي “تركي السديري”، لأقضي فيها أطول فترة ككاتب عمود يومي، ولأشهد العديد من تحولات النجاح الباهرة فيها، وتحولات الأحداث التي تحركها، كصحيفة رائدة في المنطقة.
في التلفزيون، عايشت تجربة تأسيس شركة “آرا”، نواة مركز تلفزيون الشرق الأوسط “إم بي سي”، وساهمت بتكليف من “الوليد بن إبراهيم” عام 1984 بكتابة أول فيلم وثائقي عن الصحافة تنتجه الشركة. وبقيت قريباً من القناة الجديدة، حتى اليوم. وحين تطورت قناة الإخبارية عام 2005، كنت بجوار الزميل “محمد التونسي”، في العديد من البرامج، وأظن أننا أسسنا للطبقة الصوتية العالية في البرامج الحوارية، وهي التي لم يعتد عليها الإعلام السعودي، لكنه بعد ذلك تفنن فيها!! وبعد صدور قرار إنشاء هيئة الإذاعة والتلفزيون، طلب مني رئيسها الزميل “عبد الرحمن الهزاع”، أن أقدم برنامجاً يومياً يكشف واقع الخدمات التي تقدمها المؤسسات للمواطن والمقيم، لكن الهيئة حينها لم تكن بالقدر الكافي من النضج المهني، فتوقف البرنامج بعد عدة حلقات.
بعد التجربة الأخيرة للعمود اليومي بجريدة “الجزيرة”، فتح صديق مرحلة “اليمامة”، الزميل بتال القوس، كل مضامير جريدة “الرياضية”، لكي تهرول فيها مقالاتي لمدة شهرين، وهي أقصر فترة أعيشها في جريدة، إذ إن التغييرات الإعلامية الحاصلة اليوم، تحتم عليَّ العمل في موقع جديد، لعلي أستكمل عبره حظوظي في متابعة تاريخنا الحافل بالجمال والتطور والنماء. ويكفيني من تلك الحظوظ أن شهدتُ، وأنا أحد كتاب جريدة “الرياضية”، تحول “هيئة الرياضة” إلى “وزارة الرياضة”، وهو ما ظللنا ننتظره منذ زمن بعيد.