أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش فيه
2020-03-06
لا أدري وأنتم تقرؤون هذه الكلمات.. هل يشعر أحدكم بالجوع ويفكر في تناول وجبة ما؟ اليوم هناك مثل شائع يقول “لا أحد يموت من الجوع” ولأنه مثل صدّقه معظم الناس.
هكذا نحن غالباً نعطي الحِكم والأمثال ما يشبه القدسية دون أن نتمهل وننظر إلى صحة ما نقرؤه، وأن بعض الأمثلة والحكم لم تعد صالحة للزمن الذي نعيشه، اليوم أستطيع القول بأن المثل المذكور أعلاه مجرد كلمات فارغة وإنه وإن صلح في مكان ما لا يصلح في مكان آخر، في العام 2015 أعلنت منظمة الأغذية العالمية “الفاو” أن كل 4 ثوان يموت فرد واحد بسبب الجوع، معنى ذلك أن حوالي 21 ألف إنسان يفقدون حياتهم كل يوم غالبيتهم من الأطفال، المؤلم أن الطعام في العالم يكفي الجميع، ولكن ليس الجميع لديهم القدرة على شرائه، والمضحك المبكي أنه في الوقت الذي تموت فيه نفس بشرية كل أربعة ثوان يرمى طن واحد من الطعام في براميل النفايات من بين كل ثلاثة أطنان طعام بسب انتهاء صلاحيته، لم يجد من يأكله، أو بالأحرى الذين ماتوا جوعاً لم يمتلكوا المال لشراء طن الطعام الذي رمي في النفايات.
أعتذر عن كتابة هذه المعلومة المحبطة ولكن ماذا أفعل؟ هذا هو العالم الذي نعيش فيه، ولكن أليس لكل حالة مرض دواء ما؟ الجوع مثلاً علاجه الكرم، لكن الكرم ليس بالفعل الهيّن، تدعيه الأغلبية وتتفذه الأقلية، فهو مكلف جداً ومهلك جداً في بعض أحيان أخرى، لذلك تميز الكرماء وبرزوا بسبب إخمادهم لصفة البخل التي تعيش في داخل الإنسان، وأعطوا المجال لصفة الكرم حتى ظهرت ونمت في نفوسهم، قال الأسطورة العربية في الكرم حاتم الطائي لخادمه الذي كان يملكه:
أوقِد فإنَّ الليلّ لَيلٌ قَرُّ
والريحَ يا موقِدُ ريحٌ صرُّ
عَسى يَرى نارَكَ من يَمُرُّ
إِن جَلَبت ضَيفاً فأنتَ حُر ُّ
لا أعلم بما حصل بعد ذلك وهل أعتق حاتم غلامه بعد أن أوقد له النار فحصل على حريته، أم بقي خادماً طوال حياته؟ أرجو ألا أفهم بطريقة لا أعنيها، فأنا ضمن محبي حاتم مثل الآخرين الذين يحبونه ويرون أنه مدرسة للكرماء ومثال فذ في البذل والعطاء، ولا أشك لحظة واحدة في حجم كرم حاتم الكبير والاستثنائي، ولكن كيف وهو بكل هذا الكرم سمحت له نفسه الكريمة بأخذ حرية غيره؟