أحمد الحامد⁩
فضائل التواضع
2020-03-09
من جمال التواضع أنه يبقيك حراً، لا أحمال على أكتافك كما يفعل التكبر، يقربك من الناس خصوصاً البسطاء منهم، أولئك الذين يقولون لك ما في قلوبهم بصدق ودون تحفظ فتكسب محبتهم ونفعهم، التواضع يحسّن من الكلام ويجعله صادقاً أكثر لأن المتواضع عفوي بطبعه، كما أنه يجعلك أكثر معرفة لأنك ستسأل عن ما لا تعرفه دون خجل أو تردد.
بينما يرفض المتكبر أن يسأل عن ما لا يعرفه حتى لا يبدو غير عارف فيبقى في جهله، والتواضع يجعل الإنسان مرنًا أمام ظروف وتقلبات الحياة ومستعدًّا دائماً لتحولاتها، فلا تتضرر نفسه جراء ما يصيب الحال، عكس ما يحصل المتكبر الذي يعيش حياته محاولاً ألا يظهر بصورة يعتقد بأنها تحط من قدره فيحمل نفسه أكثر من طاقتها.
لو انتبهنا للأسماء المحببة لقلوبنا لوجدناها هي المتواضعة أو التي تميل إليه، أحببت الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله لتواضعه رغم صفاته القيادية، جلوسه مع أصدقائه على الرمال، حديثه التلقائي العفوي دون أن يقرأ من أوراق بلغة منمقة، هذه بعض صفاته التي أدخلته للقلوب وأثرت فيها تأثيراً عميقاً، كان قائداً تمنته شعوب دول قادتها كانوا قساة ملؤوا سجونهم بحسرات مواطنيهم وأهدروا كل مقدرات أوطانهم من أجل أن يلتقطوا تلك الصورة التي دفعهم إليها تكبرهم.. صورة القائد الضرورة.
التواضع هو من جعل الفاروق ينام تحت ظل شجرة، بينما كان خليفة للأمة التي كان جيشها يحطم إيوان كسرى وتكبره.
في اللقاءات الأولى يلعب التواضع دورًا مهماً في رسم الانطباع الأول الذي تشكله مع من تصافحه، فإن صافح يدك بود والابتسامة مشرقة على وجهه يكون قد زرع نبتة الحب الأولى في قلبك التي تبقى أنت من تسقيها لمجرد أنه أشعرك بالدفء في سلامه، بينما يضع المتكبر حاجزاً بينك وبينه وشعوراً بعدم الود رغم أنه لم يفعل لك شيئاً أضرك به، عدا ذلك الشعور الذي زرعه بداخلك عنه وبأنه إنسان متكبر.
يقول أنيس منصور إن هناك أشخاصًا يعتقدون أن التكبر يجعل لشخصيتهم ميزة خاصة، فلندعو لهم بالشفاء، وفي كتب العرب قيل: لا يتواضع إلا من كان واثقاً بنفسه، ولا يتكبر إلا من كان عالماً بنقصه وضعفه.
المتواضعون أذكياء في حياتهم، فهموا أن مفاتيح البشر تبدأ من كسب قلوبهم، ومن يكسب القلوب يكسب المكانة العالية.