|


سعد المهدي
الجميع سعداء بالكذب
2020-03-09
الكذب في المجتمع الرياضي كغيره من المجتمعات الأخرى، غير أنه يزيد ويفيض بطبيعة النشاط الذي يقوم على التنافس بقاعدة الفوز والخسارة في ألعاب ترتكز على المغالبة، وبالتالي الشد والجذب والعراك تحت أنظار عموم الناس وانقسامهم بين مناصر ومناوئ.
التنافس موجب للتشاحن بالضرورة، وضبطه بالقوانين والأنظمة محل شك من الطرفين، هذا يفتح قوس الاجتهاد ولا يغلقه، ليدخل من خلاله المنتفعون من داخل دائرة التنافس وخارجها، كل يستثمرها بما يحقق مصالحه، يشترك في ذلك أفراد ومؤسسات وعامة.
ينقل عن علي ابن أبي طالب “رضي الله عنه” أن الحق واضح والباطل واضح، وأنه يكاد يراهما رأي العين، لكن الناس في الغالب يتحيزون في رؤية الحق والباطل من حيث لا يشعرون، وفي ذلك يشرح الدكتور علي الوردي: إن كل إنسان على عقله إطار يحد من تفكيره، والإنسان لا يستطيع أن يرى شيئا إلا إذا كان ذلك الشيء واقعًا في مجال ذلك الإطار.
كل قضايا المجتمع الرياضي لا تخرج عن أن كلا طرفي التنافس يرى أنه على حق، وأن المطالبة باسترداده والدفاع عنه حق أصيل، كل من ينازعهما فيه إنما يقف على الضفة الأخرى الظالمة أو التي تؤيد ظلمها، إلا أن المنطق لا يمكن أن يستقيم حين تجد الطرفين كليهما على ثقة أن الحق معهما.
الإعلام والجمهور الجناحان اللذان يطير بهما المجتمع الرياضي إلى خيالات الشك واحتمالات التناحر، فالإعلام ينقل عن مسؤولين وعاملين ومتطفلين على الرياضة والإعلام من جهة، والجمهور يتلقف كل ذلك ويزيد من جهة أخرى، وجميعهم لو خيرتهم اختاروا المضي في هذا الطريق لأنهم يجدون أنفسهم وعواطفهم ومصالحهم في الانحياز.
من هنا يبدأ كذب المجتمع الرياضي على بعضه بعضًا، عندما تراه يطالب بالحياد والتعقل، وفي الغالب على لسان عتاة مفسديه على مسمع من مسؤولين وجهات سمحت وتستمر في السماح في نشر أكاذيبهم، والترويج لأفكارهم التحريضية ضد الآخرين أو التي تزرع الشك في أمانة العاملين.
الخط الفاصل بين العقل والعاطفة دقيق، وفي التنافس والتشاحن يختفي، هناك مشجع آخر اهتماماته الحقيقة إلا ما يراها هو حقيقة، يشعر بالراحة عندما تكذب عليه وترضي عاطفته، وعندما تصدق معه يشعر بعدوانية تجاهك، تفشي الكذب في المجتمع الرياضي سببه أن الجميع سعيد بذلك.
الإعلام والتواصل الاجتماعي وسائل نقل لفيروس الكذب، والجمهور يرفض استخدام أساليب الوقاية، والجهات المختصة لا تملك شجاعة إصدار قرارات الحجر وبعضها مصاب بالعدوى.