|


رياض المسلم
استراحات العزاب.. موبوءة
2020-03-20
عشرة أشخاص إلى 20 أو يزيد على ذلك يجتمعون في غرفة مساحتها لا تتجاوز 40 مترًا مربعًا، ودورة مياه واحدة.. ومستودع صغير لا تستطيع أن تدخله بسبب زحمة “الشيشة” وقطع غيارها، ومساحة المكان لا تتخطى 200 متر مربع، يطلق عليه “استراحات العزاب”..
ليس شرطًا أن يكون الشاب أعزب من أجل قبوله في عضوية الاستراحة، ولكنه مسمى حملته تلك الأماكن منذ زمن بعيد واستمروا عليه، ووجدوها أفضل من المقاهي لما تتمتع به من خصوصية..
الاستراحة مقدسة لدى الشاب.. دخلت في جدوله اليومي، ولو وضعت بصمة حضور أمام أبوابها لأظهرت نتائج انضباط أفضل من دوامه الرسمي..
تختلف الأنشطة بين الشباب داخل تلك الاستراحات، بعضهم يعشق المباريات وآخرون يحولونها إلى صالة سينما صغيرة، وفئة تفضل الألعاب الورقية يتصدرها “البلوت” والكنكان” قبل أن تخرج ألعاب جديدة منها “سكونز”.. ولكن الرابط الذي يتفق عليه الجميع من دون اتفاق مسبق هو “الشيشة”..
المدن تصدّر فعاليات جديدة، وتبدل من ثيابها، وهؤلاء صامدون، يرون الاستراحة المكان الأفضل بالنسبة لهم، ولو وضعت أمام بابها أفخر المطاعم العالمية ومحلات الكافيهات وأرقى مناطق الترفيه لأداروا لها ظهورهم وتبعوا “ليّ الشيشة” ودخلوا الاستراحة وأوصدوا الباب..
بعض الاستراحات نصف عمرها مع الشباب ينقضي في النقاش حول “القطة الشهرية”، ولماذا تأخر فلان عن الدفع؟.. وهناك طلب يبدو أنه موحّد في كافة الاستراحات من الأعضاء وهو: “لو سمحتوا لا أحد يجيب معه ضيف، نبي نأخذ راحتنا”.. والمصيبة جميعهم لا يطبقون هذا الشرط..
طقوس اعتاد عليها الشباب فلا تستطيع أن تبدلها أو تلومهم، وبقاؤهم في تلك الاستراحات نظامي، كونه يربطهم عقد من المكتب العقاري ويقطنون في أماكن بعيدة عن النطاق العمراني الذي زحف عليهم..
شخصيًّا، لم يكن لديّ تجربة مماثلة، ولكن حضرت استراحات كثيرة مع أصدقاء ويبدو أنني كنت من الضيوف الثقال عليهم وخرقت قوانين الاستراحات..
مع تفشي وباء كورونا في عدد من دول العالم، بادرت الجهات الحكومية في السعودية في الإجراءات الاحترازية ومنعت التجمعات لمحاصرة الفيروس، وطالبت بالبقاء في المنازل..
لظرف ما، اضطررت للخروج من البيت ومررت بالصدفة بجوار استراحات العزاب.. استغربت المنظر.. السيارات أمام تلك الاستراحات تصطف بشكل كبير.. وكأن قاطنيها يعيشون في كوكب آخر.. لا تبدي أي مبالاة بالمطالب.
قبل أن يكون هناك تفتيش على تلك الاستراحات لمنعهم من التجمعات، على هؤلاء الشباب أن يتحلوا بالوعي والإدراك ويضحوا بالصحبة أيامًا قليلة حفاظًا على صحتهم وسلامة أهاليهم، فالتجمعات برهنت على أنها أفضل وسيلة لنقل المرض..