|


تركي السهلي
الاتحاد النائم
2020-03-30
يدخل العالم بأكمله في غرفة “ كورونا “ المُظلمة ولا ضوء إلا من مبادرات تصدر من منظّمات وأفراد تُبقي على الأمل في نفوس المحبوسين.
وحده الاتحاد السعودي لكرة القدم اختار العزلة عن كل ما يدور وكأن المسألة لا تعنيه. تنطلق في الاتحادات الدولية والإقليمية والوطنية نقاشات عالية المستوى حول مستقبل اللعبة بكل تفاعلاتها من مسابقات وممارسين وجمهور وأموال، وتنقل لنا الهواتف الذكية ونشرات الأخبار أدوارًا عالية القيمة من معظم النجوم حول ضرورة البقاء بكل مسببات الحياة، إلا اتحادنا العزيز ينفصل عن كل ما حوله مفضّلاً النوم والابتعاد عن التأثير.
يتبع الاتحاد السعودي نحو 153 نادياً ينتمي إليهم قرابة خمسة آلاف ممارس في 13 منطقة إدارية في البلاد، ومع كل ذلك لم يكلّف الاتحاد نفسه بقيادة مشروع تنوير مع تفاقم الوباء ولم يكن مقبولاً منه أن يختفي في هذا الوقت بالذات، وكان عليه على الأقل أن يشكّل مجاميع عمل مع الأندية المحترفة الستة عشر أو تلك الواقعة في تصنيف الدرجة الأولى.
وانقضى الأسبوع تلو الأسبوع ولم نر سوى رسائل قليلة لا تعبّر عن حجم ومكانة الجهاز الأهلي المنتخب ولا عن الدور المناط به في إعطاء الوضع قيمته الحقيقية وتقديره الصحيح.
ولا يمكن اعتبار المسألة أكبر من الاتحاد وهو الذي يمثّل شريحة كبيرة من المجتمع ولا مجالاً لقبول اعتذار في هذا الأمر، وإلا كان انزوى كل طرف وفصل ذاته عن الجسم الكامل للعمل والإنتاج والمثابرة.
لقد شاهدنا كيف أن نجوم اللعبة في الدوريات الكبيرة بقوا على اتصال كامل مع جماهيرهم وكيف أن الأندية في إيطاليا وإسبانيا وإنجلترا وألمانيا اتخذت خططًا سريعة نحو الاستمرار والتماس مع مجتمعاتهم، وكيف أن الاتحادات هناك سارعت إلى وضع كل التوقعات أمام الجميع وضربت الموعد وراء الموعد وأطلعت كل متابع على الاتجاهات كافة.
إن الحياة تتباطأ صحيح.. وهناك شبه شلل تام في الكرة الأرضية نعم.. لكن الحياة لن تتوقف والناس تتمسك بقوة حتى الآن بما يجعلها في خانة المألوف كي تعود إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.
ومع كل ما يمر به الإنسان الآن فإن القلوب معلّقة بالمؤسسات المتجذّرة القوية الآخذة بالزمام المنطلقة بالبشرية نحو الطمأنينة، وكل منشأة غابت عن اللحظة التاريخية ستسقط وسيطال الشك عملها في المستقبل. لم يكن منتظراً من الاتحاد السعودي لكرة القدم أن ينام في هذا الوقت والدنيا كلها في حال انتباه.