|


أحمد الحامد⁩
الغراب.. إنصافا للحق!
2020-04-04
الإنسان يميل إلى كل ما هو جميل، لكنه يرتكب خطأ في حق نفسه وفي حق غيره عندما يقدّم من يملكون الجمال على الذين لا يملكونه، فالأفضلية عمل وليست بما اكتسبته شريحة دون إرادة أو قرار منها، أرجو ألا يظن أحدكم بأنني أدافع عن نفسي وعن زملائي غير الوسيمين أمثالي، لا.. إنما أدافع عن طائر طالما ظلمته الأعين وبخسته العقول!
لماذا يفضل الإنسان طائراً مثل الحمامة أو الهدهد أو البلبل على طائر مثل الغراب؟ بل لماذا ذهب العرب إلى اعتبار الغراب فألاً للشؤم؟ ما الذي فعله لهم؟ ما الفعل الذي ارتكبه حتى يوصف بهذا الوصف؟ إنه ميل الإنسان للجمال على حساب المنطق والعقل.. إنه سحر وتأثير الجمال على نفس الإنسان، وهنا يرتكب الإنسان خطأه حيث يتحكم به القلب دون أي حضور للعقل، وإنني هنا يا حضرات القراء أقف موقف الحق وإن كلفني هذا الموقف بأن أوصف بأنني لا أقدر الجمال ولا أنصفه.. حضرات القراء المحترمين... إن الغراب الماثل أمامكم في مشهد الحياة يعتبر من أذكى الطيور على وجه الأرض، بل أذكاها جميعاً، فهو وحده من بين الطيور من أقام محاكمة من أجل أن يعيش وفصيلته حياة نبيلة تملؤها الشهامة والأخلاق والعطف، سيدي القارئ إليك هذه المعلومات حتى تنظر نظرة العدالة والحكمة والإنصاف، تحاكم جماعة الغربان الفرد الذي يخرج عن أعراف وقوانين الجماعة، فالغربان يعاقبون الغراب الذي يغتصب طعام الفراخ الصغار بنتف ريشه للدرجة التي لا يستطيع بها الطيران مثله مثل الفراخ الصغيرة التي أكل طعامها، ثم إن جماعة الغربان تلزم الغراب الذي يهدم عش غراب آخر ببناء عش جديد مكان الذي قام بتخريبه، وإذا ما اعتدى غراب على أنثى غراب آخر فإن جماعة الغربان تقوم بعقد محكمة في أرض واسعة تجتمع فيها هيئة المحكمة والغراب المعتدي الذي تحيط به الحراسة من كل مكان، ثم إذا صدر حكم الإعدام ضد المعتدي وتم قتله يكلف أحد الغربان بحمل الغراب الميت ويواريه الثرى احتراماً له، حضرات القراء.. إن الغراب طائر مسالم وصديق للإنسان، وهو لفرط ذكائه يحفظ وجوه كل من أحسنوا إليه من البشر، ولا يتردد في رد الجميل إذا ما سنحت له الفرصة في ذلك، إنني يا أعزائي القراء مؤمن إيماناً كاملاً في إنصافكم لكل مظلوم، وأنتظر عدلكم بعد أن ذكرت لكم الوقائع والشواهد التي توضح نبل وشهامة هذا الطائر المسكين.