|


سعد المهدي
اليوتيوب في أيام العزلة
2020-04-04
نشط الكثيرون في تقليب صفحات الماضي، وبدا ما يشبه الحنين لأزمنة مضت، مع تذكر قصص وحكايات حسنة وسيئة، حقيقية وملفقة، بعضها لا قيمة له وأخرى تحتاج إلى التوقف عندها، وأسوأها تلك التي تمس شخصيات وكيانات، لا يجوز تمرير ما قيل عنهم وعنها قبل التثبت منها.
الكل متوقف عن العمل كليًّا أو جزئيًّا، النشاط الرياضي معطل، التباعد الاجتماعي أنهي تجمعات الناس، أوقف حواراتهم وجدالهم في البيوت والمقاهي، لكنه لم يقض على الكذب والنميمة، حيث تولت وسائل التواصل كسر قانون التباعد، زادت من رصيد مستخدميها ومن ساعات عملها. وملأت الفضاء بحبال لا ينتهي طولها لنشر كل الغسيل.
البحث في محرك قوقل، أو نبش اليوتيوب في الغالب للعثور على المعايب، وتوثيق المصائب أكثر من تصحيح الأخطاء والمغالطات، هذا عادة عند من جبلوا على هذه الطباع، نوع آخر لجمع “فيديوهات” يمكن بعد الحذف والإضافة أن يقيم بها على غريم حجة، ويسوق على بريء أو جاهل كذبه، فيما يستعين بها بعضهم للتعرف من جديد على واقع عاشوه أو ربما سمعوا عنه.
أعتقد أن لا جديد في الحالة، إلا أن ساعاتها زادت ومعها دخل الميدان آخرون، والحقيقة أن في الـ”يوتيوب” أجوبة أكثر على الأسئلة، ففيه يمكن أن تتأكد من قصص لمباريات وأحداث ومسيرة نجوم بالنسبة لك كانت حقيقية ظهر فيما بعد أنها مفبركة، أو على أقل تقدير مبالغ في نسج تفاصيلها والعكس صحيح أيضًا، هذا قد يجعلك ترجع خطوات للوراء لمراجعة أخرى غيرها.
الكذبة حتى تتحول إلى فيروس خطير ومعدٍ قادر على الانتشار، تحتاج الى تضافر جهود مطلقيها مع من يزكونهم، وتوافق هوى غيرهم، وتتقاطع مصلحيًّا مع بعض مخالفيهم، ولا تجد مناعة قوية بين من يتلقونها، وأمثلة ذلك في مجتمعنا الرياضي كثيرة جدًّا وبإمكان كل منا أن يتذكر أكثر من كذبة عاشت عقودًا، لم ينفع معها كل محاولات التطهير والتعقيم.
ثلة من كذابي اليوم يعيشون على بعض روايات اخترعوها، وقصاصات فبركوها ومقاطع اجتزؤوها، من العقود الثلاثة الماضية أو أصيبوا بعدواها يومًا، يقتاتون عليها في البرامج الرياضية أو حسابات تويتر وأخواته، تصنع منهم إعلاميين أو مؤرخين قادرين على كسب المال والشهرة، على حساب القيم والمبادئ، والمصالح العليا للمجتمع والبلاد.
هؤلاء عكس إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، لأنهم مع العزل والحجر يزداد نشاطهم وخطرهم، ولا حل معهم إلا تقوية المناعة بالاطلاع والبحث بغرض معرفة الحقيقة.