|


أحمد الحامد⁩
أنا والمنع والجوع
2020-04-10
تحدثت في الهاتف مع أمي، هي بخير ولله الحمد، نجحت في إضحاكها مثل كل مرة، ابني خالد يلعب مع أحد أصدقائه عبر الإنترنت، أما أنا فأود الذهاب إلى الاستديو الذي أسسته في المنزل، أصبح الذهاب إليه من ضمن مشاويري اليومية رغم أنه يقع في منزلي.
العالم تجاوز المليون وخمسمئة ألف إصابة، والوفيات سبعة وثمانون ألفاً، الأرقام ترتفع بسرعة جنونية، أشعر بالجوع، هل أنتم من الذين يسوء مزاجهم إذا شعروا بالجوع؟ أنا كنت كذلك، أظن أنني بدأت أتحكم بمشاعري في الجوع أكثر من السابق عندما كان الجوع يصنع مني رجلاً لا عقل له، هذا إذا ما افترضنا بأنني أملك عقلاً، كثير من الناس تتغير أمزجتهم عندما يشعرون بالجوع، لم أجد أفضل مما قاله أبو الحارث حسين في ذلك وكان يحب جارية حباً كبيرًا، دعته وأخرت عليه الطعام إلى أن ساء مزاجه وضاق، فقال لها: يا سيدتي ما لي لا أسمع للغداء ذكرًا؟ فقالت: يا سبحان الله، أما يكفيك النظر إليّ وما ترغبه فيّ من أن تقول هذا؟ فقال: يا سيدتي، لو جلس جميل وبثينة من بكرة إلى هذا الوقت لا يأكلان طعاماً لبصق كلُّ واحد في وجه صاحبه، كان زميلي يشتكي كثيراً من ألم في رأسه، ولاحظت أنني كلما التقيته قبل أن نذهب لتناول وجبة العشاء كان يشتكي من هذا الألم، ما إن نأكل عشاءنا حتى يزول الألم سريعاً، اكتشفت بأنه ينسى أن يأكل وألم رأسه سببه الجوع لا أكثر، أكتب وكأنني طبيب، أكثر الناس صاروا أطباء في زمن كورونا وأنا صرت مثلهم، على الأقل أنا لا أرسل وصفاتي لعلاج الكورونا على “واتساب”، قبل مدة نصحت السيدات عبر الإذاعة ألا يصطحبن أزواجهن للتسوق لشراء الأطعمة إلا وأزواجهن يشعرون ببعض الجوع، حينها سيشترون كل ما تريد الزوجة شراءه من أطعمة بل سيضيفون عليه كميات أكثر، أما إذا ذهبت السيدة مع زوجها وهو يشعر بالشبع فلن يرى بأن هناك حاجة لشراء الأطعمه للمنزل.. يبدو أن صديق ابني الذي يلعب معه اسمه جيمس لأن ابني يردد منذ دقائق.. جيمس.. جيمس..، ما هذا الاكتشاف الكبير الذي اكتشفته حتى يستحق أن أكتبه لكم؟ أود الخروج من المنزل، أود أن أذهب إلى المقاهي التي أحبها واعتدت الكتابة في أجوائها الدافئة.. لا تبدو أمنيتي ذات أي أهمية أمام أمنيات الذين يصارعون الموت الآن في المستشفيات، سألتزم البقاء في المنزل حتى تعود أيامنا الجميلة.