|


بدر السعيد
دروس كورونا (4) ..
2020-04-11
وها نحن نصل إلى الأسبوع الخامس على التوالي ونحن في ذات السياق ونفس المحيط الذي فرض قوته على تفكيرنا وتوجهاتنا واتجاهاتنا.. نفس المفردة التي فرضت نفسها على العالم أجمع فلا صوت يعلو على صوت “كورونا”.. في هذا الأسبوع سأعود للحديث عن مفهوم “الجزء المملوء من الكأس” وكأسنا هذه المرة هو “كأس كورونا” الذي سبق لي الإشارة إليه ضمن أول مقالاتي حول هذا الداء..
قبل الحديث عن جوانب التغير الملحوظ في سلوكيات المجتمع أو العالم علينا الاقتراب أكثر من ذلك الجزء المملوء من الكأس وستجدون أن الكثير من سلوكياتكم الفردية قد تبدلت أو تحسنت أو على الأقل نالت جانباً من مراجعات النفس ومحاسبتها ذاتياً..
جميعنا حظي بفرصة يندر تكرارها.. ولحظات لم تكن عجلة الزمن وتسارع الأحداث تسمح بحصولها.. فرصة وضعت الكثيرين منا في زوايا البحث والمراجعة والمحاسبة والتخطيط.. ننتقل بين زاوية وأخرى فنكتشف تقصيراً هنا وتراجعاً هناك.. نحفز النفس هنا ونسعد بما حققناه هناك..
جميعنا حظي بوقت لم تكن الارتباطات تسمح به.. ولم تكن العادات الاجتماعية “القاسية” تراعيه أو تتجنبه أو تتحسس رغباته.. وحين يكون الحديث عن الوقت فإنه الحديث عن واحدة من أغلى مكتسبات الحياة التي خسرنا منها الكثير دون فائدة ملموسة ظاهرة للأسف..
مع كورونا وبسببها أصبحنا نملك كل ذلك.. مع كورونا بات التحدي لدى الطموحين أكثر تشويقاً ومنفعة.. مع كورونا استطعنا “مجبرين” أن نحصل على ذلك الكنز الثمين الذي كنا لا نتمتع بمضيه ولا نقضيه كما يجب.. مع “كورونا” بات كنز الوقت بين أيدينا وفي متناولنا..
وبمثل ما قيل ويقال على خلفية هذه الأزمة العالمية إن العالم بأكمله سيختلف بعد “كورونا” عمّا كان عليه قبلها سلباً وإيجاباً فإنه يجدر بنا “بالضرورة” أن نكون بعد “كورونا” قد اختلفنا للأفضل واتجهنا بجدية للتخلص من رواسب سلبية كثيرة صنعها الزمن والأحداث فكبلت أوقاتنا وطموحنا وإنتاجيتنا..
قبل “كورونا” كنا قد قرأنا واطلعنا لسنوات على عشرات الكتب والمقالات والمحاضرات التي تتحدث عن تنظيم الوقت وإدارته وفن التعامل معه.. كنّا بحاجة ماسّة للسيطرة على ذلك الوقت لكننا كنا نفشل لمرات ونتقاعس في مرات أخرى.. والآن هاهو الكنز يقدم نفسه إلينا مستسلماً متهادياً، فهل سننال نصيبنا الوافر منه أم تمر علينا هذه الأزمة دون أن نتغير إلى الأفضل..؟!
دمتم أحبة.. تجمعكم الرياضة.. ويحتضنكم وطن..