من يتتبع أصحاب الفكاهة واللطافة في التراث العربي يجد خلفها عقولاً ذكية وسرعة بديهة مذهلة، إنها شخصيات مبدعة بشكل من الأشكال لكنهم أظهروا إبداعهم بالشكل الذي وصلنا.
والقارئ لأخبار “أبو دلامة” يجد أن شخصيته تتمتع بخفة الظل بالإضافة لموهبة الشعر والشطارة في رسم السيناريو المتوقع لما سيحدث بينه وبين من يرجو إكرامه، دخل أبو دلامة يومًا على المنصور، وبين إصبعيه خرقة بيضاء جُعلت كاللفافة الصغيرة، فقال له المنصور: ما خبرك يا أبا دلامة؟ فقال: وُلدت لي صبية البارحة وقد قلت فيها:
فما ولدتكِ مريم أم عيسى
ولم يكفلكِ لقمانُ الحكيمُ
ولكن قد وُلدتِ لأم سوءٍ
ويقوم بأمرها بعلٌ لئيمُ
فضحك المنصور وقال: والآن ماذا تريد يا أبا دلامة ؟ قال: ملءُ هذه الخريقة دنانير ودراهم أستعين بها على تربيتها، فقال المنصور: لك ملؤها دراهم، ففتحها فإذا هي رداء كبير رقيق لُفَّ بعناية حتى تضاءل حجمه، ولمّا ملئ استوعب نحو عشرة آلاف درهم.
وقيل لما ماتت ابنة عم وزوجة أبي جعفر المنصور فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها، فأقبل أبو دلامة وجلس قريبًا منه، فقال له المنصور: ويحك ماذا أعددت لهذا المكان ؟ فأشار أبو دلامة إلى القبر وقال: ابنة عم أمير المؤمنين.. فضحك المنصور وقال له: ويحك، فضحتنا بين الناس..
الحقيقة أن وجود مثل هذه الشخصيات الذكية في صناعتها للضحك كان أمرًا مهمًا لمن هم يتولون مهمات كبرى في هذه الحياة كالخلفاء أو أهل السياسة والاقتصاد كون الشخصيات الظريفة تخرجهم من الضغوطات التي يتعرضون لها فيصنعون لهم ما يريح قلوبهم بالضحك، وهذا ما يحتاجه الإنسان الذي يعمل تحت الضغوطات حتى تتجدد طاقته، ودخل أبو دلامة على المهدي وبين يديه “سَلَمَة” الوصيف واقفاً “الوصيف الخادم الرشيق”، فقال أبو دلامة: إني أهديت إليك يا أمير المؤمنين مهرًا رشيقًا ليس لأحد مثله، فإن رأيت أن تشرفني بقبوله، فأمر بإدخاله إليه، فخرج أبو دلامة وأدخل إليه دابته التي كانت تحته، فإذا به حمار محطم هرم، فقال له المهدي: أي شيء هذا ويلك.. ألم تزعم أنه مهر؟ فقال له: أوليس هذا سَلَمَه الوصيف بين يديك قائمًا تسميه الوصيف وله ثمانون سنة، وهو عندك وصيف؟ فإن كان سلمةُ وصيفًا فهذا مهر.. فجعل سَلَمَه يشتمه والمهدي يضحك.
والقارئ لأخبار “أبو دلامة” يجد أن شخصيته تتمتع بخفة الظل بالإضافة لموهبة الشعر والشطارة في رسم السيناريو المتوقع لما سيحدث بينه وبين من يرجو إكرامه، دخل أبو دلامة يومًا على المنصور، وبين إصبعيه خرقة بيضاء جُعلت كاللفافة الصغيرة، فقال له المنصور: ما خبرك يا أبا دلامة؟ فقال: وُلدت لي صبية البارحة وقد قلت فيها:
فما ولدتكِ مريم أم عيسى
ولم يكفلكِ لقمانُ الحكيمُ
ولكن قد وُلدتِ لأم سوءٍ
ويقوم بأمرها بعلٌ لئيمُ
فضحك المنصور وقال: والآن ماذا تريد يا أبا دلامة ؟ قال: ملءُ هذه الخريقة دنانير ودراهم أستعين بها على تربيتها، فقال المنصور: لك ملؤها دراهم، ففتحها فإذا هي رداء كبير رقيق لُفَّ بعناية حتى تضاءل حجمه، ولمّا ملئ استوعب نحو عشرة آلاف درهم.
وقيل لما ماتت ابنة عم وزوجة أبي جعفر المنصور فحضر جنازتها وجلس لدفنها وهو متألم لفقدها، فأقبل أبو دلامة وجلس قريبًا منه، فقال له المنصور: ويحك ماذا أعددت لهذا المكان ؟ فأشار أبو دلامة إلى القبر وقال: ابنة عم أمير المؤمنين.. فضحك المنصور وقال له: ويحك، فضحتنا بين الناس..
الحقيقة أن وجود مثل هذه الشخصيات الذكية في صناعتها للضحك كان أمرًا مهمًا لمن هم يتولون مهمات كبرى في هذه الحياة كالخلفاء أو أهل السياسة والاقتصاد كون الشخصيات الظريفة تخرجهم من الضغوطات التي يتعرضون لها فيصنعون لهم ما يريح قلوبهم بالضحك، وهذا ما يحتاجه الإنسان الذي يعمل تحت الضغوطات حتى تتجدد طاقته، ودخل أبو دلامة على المهدي وبين يديه “سَلَمَة” الوصيف واقفاً “الوصيف الخادم الرشيق”، فقال أبو دلامة: إني أهديت إليك يا أمير المؤمنين مهرًا رشيقًا ليس لأحد مثله، فإن رأيت أن تشرفني بقبوله، فأمر بإدخاله إليه، فخرج أبو دلامة وأدخل إليه دابته التي كانت تحته، فإذا به حمار محطم هرم، فقال له المهدي: أي شيء هذا ويلك.. ألم تزعم أنه مهر؟ فقال له: أوليس هذا سَلَمَه الوصيف بين يديك قائمًا تسميه الوصيف وله ثمانون سنة، وهو عندك وصيف؟ فإن كان سلمةُ وصيفًا فهذا مهر.. فجعل سَلَمَه يشتمه والمهدي يضحك.