|


عدنان جستنية
صيامنا هذه السنة غير
2020-04-24
هذه حقيقة لانقاش فيها ولا جدل حولها بأن صيامنا لشهر رمضان في هذه السنة سيكون غير ومختلفًا تمامًا عن كل السنين الماضية، وذلك بسبب وباء “كورونا” الذي فرض علينا الجلوس في بيوتنا وعدم مغادرتها إلا عند الضرورة القصوى مع التزام يمنعنا بالابتعاد عن أي تجمعات قد تؤدي إلى انتقال عدوى المرض من شخص إلى آخر وتفشيه أكثر بيننا كعوائل ومجتمع.
ـ صيامنا في هذا العام على مستوى الجانب “الروحي” الاختلاف فيه سيمنحنا فرصة لخوض تجربة جديدة، خاصة فيما يتعلق بالجانب “النفسي” والمعنوي المرتبط بشعائر دينية، كنا حريصين على أدائها ببيت الله الحرام ومساجد توحشت أفئدتنا لها والصلاة فيها، افتقدناها أكثر من شهر، وشوقنا لها سيزداد أكثر وحزن يملأ صدورنا لفراق يحول دون أداء الصلوات الخمس والتراويح في رحابها الطاهرة.
ـ شعور غريب من المؤكد أنه انتاب قلوبًا ترتعش قبل قدوم الشهر الفضيل ومع إطلالة أول يوم نصوم فيه، شعور ممزوج بالألم الشديد والخوف الشديد، فالأول مصدره إحساس بـ”الحرمان” الذي نعجز فيه عن أداء الركن الثاني من أركان الإسلام في مكان تربطنا صلة عمر عميقة تأصلت في أجوائه بنت علاقة من المحبة و”الألفة” التي تزدان بالراحة والاطمئنان، فما بالكم حينما يأتي موعد هذا الحرمان متزامنًا توقيته في شهر خص الله نفسه بعبادة الصوم، كما جاء بالحديث الشريف “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.
ـ أما الألم الثاني فهو الخوف ومنبع شدته تنحصر في روحانية لن تكتمل، وحرمان لا نعلم إلى متى سوف يستمر؟، وعام جديد ورمضان آخر لا ندري هل يكتب لنا صيامه، على أننا مع هذه المشاعر المؤلمة تتدفق عندنا روحانية أكثر عمقاً تكونت وتشكلت عبر درس قاس جداً علمتنا إياه هذه المحنة وبلاء من الله يدعونا إلى معرفة عظمته والرجوع إليه رجوعاً نعرف من خلاله حجم تقصيرنا في عبادته، وظلم ارتكبناه في حق أنفسنا قبل الآخرين وفي نعمة كبيرة لم نعطها حقها من الحمد والشكر.
ـ لصيام هذا العام وجه آخر أيضا من الروحانية والمتعة كنا لا نحس بها في أشهر الصيام السابقة، هذاما قد نكتشفه هذا العام مع تجربة جديدة لم يسبق لنا ولا لأهالينا من الآباء والأجداد أن عاشوها، حيث سنتعرف على هذه التجربة بما فيها من دروس قيمة في مقال لاحق بإذن الله. وكل عام وأنتم بخير.