|


أحمد الحامد⁩
عُد إلى طفولتك
2020-04-28
ما الذي تتذكره من طفولتك تحديدًا..؟ ما الذي كنت تحب أن تفعله وتنجذب إليه وأنت صغير؟ سأكون أكثر صراحة معك وأخبرك بحقيقة قد تكون قد غابت عنك.. الحقيقة بأن أحدًا كان يحبك كثيرًا.
في طفولتك لمّحت لك موهبتك وحاولت أن تصادقك، بل حاولت أن تقول لك عدة مرات: أنت أنا، فهل يا ترى انتبهت لتلميحاتها وعقدت رباط الحب معها؟ أم أنك لم تنتبه واعتقدت أنها هواية طفل ولا تصلح للحياة الحقيقية إذا ما كنت تظن أن الحياة الحقيقية تبدأ عندما يكبر الإنسان ويتجاوز مرحلة الطفولة.. مرحلة اللعب والخيال؟ في أواخر العشرينيات من القرن الماضي كان آلاف الأطفال الأمريكيين في أندية “ميكي ماوس” المنتشرة في الولايات الأمريكية يهتفون: “ميكي ماوس لا يهين أحدًا ولا يدخن ولا يغش ولا يكذب”، وميكي ماوس كما تعلمون هو بطل أفلام الكرتون التي تنتجها شركة والت ديزني، والحقيقة أن هذا الفأر الشهير إذا ما عدنا إلى طفولة والت ديزني نجد أنه قد ابتكره في طفولته وقبل دخوله عالم صناعة الأفلام، كان والت طفلًا موهوبًا في الرسم والتمثيل، ولا يملك هاتين الصفتين إلا وكان الخيال ثالثهما، وهذا الأخير هو من ألهم والت عندما اصطاد فأرًا وربطه بحبل صغير ودخل به على طلاب صف مدرسته وكأنه يصحب كلبًا لا فأرًا، الأمر الذي أثار دهشة رفاقه، ثم بدأ والت باضحاك زملائه في تلك الحوارات التي يجريها مع فأره الذي كان يتكلم بصوت ابتكره والت، ثم راح والت يتجول معه في الطرقات جاذبًا نظرات المارة إليه ونحو رفيقه الغريب، في تلك الفترة تحديدًا ولد ميكي ماوس وليس عندما بدأ والت في تحميض فيلم ميكي ماوس الأول بعد ثلاثين عامًا من صداقته مع ذلك الفأر، أعتقد بأن أفضل شيء يفعله كل من لا يفعل شيئًا يحبه الآن هو أن يعود إلى طفولته، إلى ذلك الحب المنسي، إلى فرص العلاقة التي أرادت موهبتك أن تقيمها معك لكنك لم تنتبه، مثلك مثل أي انسان لا ينتبه لطرف آخر محب لمّح بأشكال عديدة عن عاطفته تجاهك، لكنك لم تنتبه لتلميحة واحدة من تلك التلميحات أو النظرات المحبة، العودة إلى الطفولة هي العودة باتجاه الحقيقة الصافية، أقول إلى كل من أخذته ظروف ومشاغل الحياة عن حقيقته بأنك ذهبت بعيدًا عن قوتك.. وقد تكون معذورًا إلى درجة ما، فقد تكون حينها طفلًا لا يتحكم بقراراته، لكنك ملام الآن إن لم تصنع بنفسك طريق العودة إلى طفولتك لتصطحب حقيقتك وإحضارها إلى واقعك اليوم وإيجاد مساحة كافية لها في أيامك، حينها وعلى أقل تقدير ستفعل شيئًا تحبه، وستقيم دائمًا مع من يحبك.