|


سعد المهدي
المجنون رامز أكل الجو
2020-05-03
الذين يتحشدون في مواجهة رامز جلال كل رمضان، ليس لأنهم يكرهون الكذب، بل لأنهم يحبون أن يختاروا من يكذب عليهم، كما أن مواسم مقالب رامز من 2011م حتى اليوم، لم تتوقف لأن مزاعمهم لم تثبت، مثل أن برامجه تمثيل تم الاتفاق عليها بإغراء المال، وأنها تخدش الذوق العام، وتمتهن كرامة الضيوف، وتؤذي المشاهد في مشاعره، وغيرها.
أساطير الملاحم الشعبية في الشجاعة والكرم والحكمة والأدب، نصف أسمائهم مزورة، وثلثا بطولاتهم ملفقة، ويحتفى بهم قرنًا بعد قرن، وتروى حكاياتهم وتدون في الكتب والدواوين، وتتحول سيرهم وشخصياتهم إلى روايات ومسرحيات وأفلام، دون أن يفتش أحد وراءهم إذا ما كان ما ينقل عنهم صحيحًا، أم مبالغًا فيه أو كذبًا، وهل لهم أصلاً وجود، ولم ينتقدوا لوحشيتهم وظلمهم أوعنصريتهم وفسقهم.
المشاهير من نجوم الفن والرياضة والمجتمع اعتادوا أن تتم دعوتهم ضيوفًا على وسائل الإعلام، رامز لا يمكن له أن يطلب من أحدهم ان يكون ضيفًا على برنامجه، أكثر من طريق يمكن أن يؤدي بالمستهدف منهم أن يكون ضيف برنامج من برامج المقالب، في هذا الموسم “رامز مجنون رسمي” فعلاً لأنه اختار المواجهة المباشرة مع ضحاياه، والطريق كانت المذيعة أروى.
القليل يمكن له أن يرفض أن تستضيفه أروي في أحد برامجها، ولا يمكن أن يشك أنها قد تكون طعمًا لبرنامج مقالب، بالذات لرامز الذي عادة لا يظهر في كل برامجه لضيوفه صريحًا إلا في آخر دقيقة ليكشف عن نفسه وبرنامجه، والضيوف الذين ظهروا معه حتى الآن يمكن سؤالهم إذا ما كانوا على علم مسبق بالتفاصيل، أما رامز فهو يؤدي مهمته من أجل أن نلتف نحن حول الشاشة ويقبض هو أجره، وقد فعل ذلك كل مرة بنجاح.
الأفلام والمسلسلات والمسرحيات كلها تمثيل، نقول ذلك دون تمييز بين أن تكون تمثيلاً لواقع أم واقعًا تحول لتمثيل، الروائي والكاتب الذي استشف قصص حياتنا، زاد فيها وحذف منها، جملها أو شوهها، هو شخص مبدع أخرجنا من الإطار لنشاهد صورنا، برامج المقالب أكثر صدقًا من القصص المتخيلة ومن عفوية الممثل البارع، رامز قلب الأسد في الجو والبحر وتحت الأرض لعب بالنار، نعم لكنه أكل الجو.
نقد الأعمال الفنية وغيرها للمتخصصين أمر، والمتذوقون والمتلقون بالعموم أمر آخر، يختلفون في المنهج والأسلوب، لكن جميعهم بذات الأهمية، المهم ألا يكون هناك في الحالين انتقائية عند القبول والرفض.