|


تركي السهلي
رفض المفروض
2020-05-10
ميزة العقل الناضح تكمن في رفضه للمفروض عليه، فالاتساع الذي يتمتع به، والإدراك لكل ما حوله وما هو مطروح أمامه، يجعل من حكمه أكثر صدقية مع ذاته والآخرين. والحالة التي كان عليها بالأمس التعاطي الجمعي مع مقابلة سامي الجابر في برنامج “ الليوان “ عبر روتانا خليجية تؤكد رفض المفروض.
يعلم معظم الرياضيين من ممارسين وجماهير في السعودية أن ظهور فتى حارة “سكيرينة “ في الرياض كان نتيجة أزمة داخل الكيان الهلالي بسبب افتقاره لشخصية نجم يستطيع المباهاة به أمام الآخرين، وظل منذ أن نشأ في العام 1957م في تكرار لاستجلاب أي مُعطى يجعله مثل أنداده الذين تتوافر لديهم رموز كروية رفيعة الموهبة وتمتلك كل مقومات اللاعب الكامل المؤثر.
وطوال وجود الجابر في لعب الكرة مع ناديه أو المنتخب كان محل عدم اعتراف بإمكاناته الفنيّة من قبل الأطراف الأخرى، ما عمّق أزمة الجابر وأزمة فارضيه. ورغم اعتزاله وابتعاده عن التأثير ظلّ الداعم الأزرق يحاول حشوه في كل اتجاه وظلّت فكرة الرفض له مستمرة فتكرر السقوط منه ومن داعميه ودامت مواقف عدم القبول مع كل تعاقب زمني.
والحقيقة أن علاقة سامي مع داعميه كانت ولا تزال غير متوازنة، وغير عادلة في نفس الوقت. فهو كان على الدوام كالوعاء الذي لا يمكن ملؤه أبداً، وهم كانوا كالمضطر للمشي حافياً على الرمال الحارة ليس لشيء سوى القبول بالوضع خشية سقوط الصورة العامة والاهتزاز أمام الند المالك للنموذج الحقيقي غير المدعوم إلا من موهبته واكتمال وجوده.
اليوم، ومع تغيّر المعطيات واتساع دائرة التعبير، لم يتزحزح الرافض عن موقفه كون القناعة العقلية هي محرّكه، ولم يتوقف الداعم عن محاولة إيجاد موطئ قدم لسامي الجابر من جديد، وهو الشخص الذي لم يتغيّر بين كونه لاعباً عادياً وشخصاً محدود الإمكانات. ومع كل هذا، وحتى للوصول لنقطة فاصلة آمل أن يتوقف سامي الجابر عن تسويق ذاته، وكذلك من يقف وراءه. فلا الرجل قادرًا على تصدير شيء لوجود الافتقار هُنا، ولعجزه الكامل عن التقدّم على الصعيد المُراد له، مع تسببه بالإحراج الكبير لمن استمات لإبرازه. لذا، بات لزاماً إنهاء المسألة، وترك الجميع ينعم بوجود نماذج أكثر قبولاً منه.
والواقع الذي يجب الإيمان به، أن الوضع لم يكن مربوطاً بهلالية سامي، وهو الأمر الذي ظلّ الفارض يُمررّه على الآخرين، بل لأنه كثير الوقوع في أخطاء تُعمّق من عدم هضمه.