|


رياض المسلم
قناة الجزيرة.. «تجيز» الإرهاب
2020-05-22
المقال.. من فنون الصحافة.. أكثرها طربًا.. وكاتبه لا يشترط انتماؤه لمهنة المتاعب.. فهو يمثل وجهة نظر كاتبه.. فيكتب ما يشاء.. أبيات شعر وقصصاً وحكايات وأمثالاً وحكمًا.. كل كاتب بما كتب رهين.. وهو يبقى غامضًا حتى يكتب..
كتّاب الرأي يشكلون هاجسًا مخيفًا لدى رؤساء التحرير، فأكثر أمانة يوصي بها نوابه عندما ينال قسطًا من الراحة، الحرص على “المقالات”، وقراءة كل حرف فيها، فالسم يراه بعض الكتّاب عسلاً.. فيمر مرور الكرام بعدها يدور كرسي رئيس التحرير من جديد..
الكثير من كتّاب الرأي، الرقيب الذاتي لديهم ينعم في سبات عميق، فلا يصحو إلا عندما يسكب عليه ماء بارد من الرقيب في الوسيلة الإعلامية فيحذره ليستبدل المقال أو يعدله، فيعيده إلى الرقص على الخطوط الحمراء بدلاً من تخطيها واصطياده هو ومن منح الضوء الأخضر له..
مسلسل الاختيار الذي يتحدث عن الإرهاب الذي ضرب مصر من الجماعات المتطرفة قبل سنوات قريبة، نجح صانعوه في عكس قباحة صورة الإرهاب وما فعلوه من دمار بالتفجيرات وقتل مئات الأبرياء، بما فيهم الضابط البطل أحمد منسي، الذي مثل دوره الفنان أمير كرارة، وجرم ما عمله زميله في الجيش سابقًا الإرهابي هشام عشماوي الذي أدى دوره الممثل أحمد العوضي، فربط مخرج المسلسل بيتر ميمي الأحداث في المسلسل بالواقعية، ما زاد من قوة العمل..
نجوم المسلسل يطالبون ذوي الضحايا ألا يشاهدوا بعض الحلقات لكي لا يتذكروا الألم الذي سببته لهم الجماعات الإرهابية بفقدان أحبابهم أو فتح جراح المصابين..
قصص إنسانية يقدمها المسلسل، فتتعاطف كثيرًا مع من قضى عليهم الفكر الضال، ووسط تلك المشاعر الإنسانية يخرج مقال عدو للبشرية يبث من خلال موقع قناة الجزيرة القطرية، يمجّد الإرهابي هشام عشماوي، وهو من أعدم على يد السلطات المصرية قبل بث المسلسل بشهر.
وجاء المقال تحت عنوان “هشام عشماوي.. الوجه الآخر من الاختيار”، واعتبره رمزًا في المعارضة الإسلامية.. كاتبه أرسل، ولكن السؤال الأهم من أجاز؟.. ولماذا لا يدور الكرسي؟! أين دور رئيس التحرير والمسؤولين في موقع قناة “الجزيرة نت” القطرية؟، هل كانوا جميعًا في إجازة؟ بواب القناة لو مرّ عليه المقال لأوقفه، وقال: “من المخزي أن يدخل”..
لماذا لا يخرج مسؤول من القناة المحتضنة للمقال الداعم للإرهاب، ويفسّر سبب نشره؟، فهو أمام خيارين.. إما أن يقول بأنه مع حرية الرأي وعدم إيقاف أي مقال.. فوقتها نجيبه لماذا يتم حذفه إذًا؟.. والثاني بأن القناة توجهها مع فكرة المقال المؤيد للجماعات الإرهابية لذا “أجيز” من الرقيب..
ما أقدمت عليه قناة الجزيرة من تمجيد للإرهاب ليس المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة في ظل نهجها الإعلامي الذي يغوص في وحل الإرهاب.. فمن يحاسبهم؟.. ولكن إذا كان رب البيت للإرهاب داعمًا فشيمة أهل القناة التمجيد..